تجتمع نحو 500 شخصية عربية عامة لثلاثة أيام في بيروت للخروج بحلول لتداعيات الحصار على أطفال غزة. كذلك سيحدد المجتمعون مواقفهم من قضايا الأطفال والمخدرات، والأطفال تحت الأسر والاحتلال، قبل أن يتناولوا انتماء هؤلاء إلى الهوية العربية والمسؤولية الدولية عن حمايتهم
فاتن الحاج
كان اللورد البريطاني كولن لو، رئيس جمعية المكفوفين في أوروبا، يتفقّد مدرسة الفاخورة الغزاوية بعد قصفها بالفوسفور الأبيض، حين تعرّف إلى الطفل الفلسطيني لؤي صبح (11 سنة). وقف اللورد وجهاً لوجه أمام لؤي. وضع يده في يده وقال له: «كلانا فقد البصر، لكننا لم نفقد البصيرة، وما يعيشه أطفال غزة يراه الأعمى»، فبكى كل من كان في اللقاء. المشهد يرويه لـ«الأخبار» النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لرفع الحصار عن غزة. وكان الخضري قد وصل، مساء أول من أمس، إلى بيروت للمشاركة في مؤتمر جمعية تكافل الثاني عن «الحماية الدولية للأطفال تحت الاحتلال... مسؤولية من ؟»، الذي افتتح، أمس، في قصر الأونيسكو، ويتابع أعماله اليوم وغداً في فندق البريستول.
لم يأتِ الخضري من وسط المعاناة، كما قال، لتوصيف المشكلة وتداعياتها الخطيرة، بل ينتظر أن يخرج المؤتمر بحلول عملية واقعية لدعم صمود الطفل العربي عموماً والفلسطيني خصوصاً. يراهن الرجل على جدية اقتراح إنشاء شبكة عالمية لحماية الأطفال الفلسطينيين تحت الاحتلال، والمتوقع أن تضم أعضاء برلمانات عربية ومؤسسات حقوقية وإنسانية، بهدف ممارسة الضغوط على المجتمع الدولي للجم الاحتلال ووقف عمليات القتل الممنهجة.
ثم ينتقل إلى الحديث عن الوضع في غزة اليوم، من خلال أرقام تجسد المشكلة. يستند إلى تقارير حديثة صدرت بعد العدوان الإسرائيلي الأخير ليقول إنّ 80 في المئة من سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر، بحيث يبلغ معدل دخل الفرد اليومي دولارين فقط. أما نسبة البطالة هناك فتطال 65 في المئة، بينما يعيش مليون إنسان على المساعدات. وقد وصل عدد الشهداء الأطفال إلى 500 طفل، مقابل 170 ذهبوا ضحية الحصار. وإذا كان 53% من سكان غزة هم من الأطفال، فإنّ 55 في المئة من هؤلاء يعانون من أمراض سوء التغذية لعدم قدرة أسرهم على توفير الاحتياجات الأساسية لهم.
هنا يتوقف الخضري عند تحدّي التعليم، «فالدراسة مستمرة ولكن في ظروف غير طبيعية، لأن الاحتلال يمنع دخول الحقيبة المدرسية وقلم الرصاص والورق. أما الدوام فيمتد في بعض المدارس على ثلاث فترات في اليوم الواحد. وفي المجال الصحي، يسأل النائب الفلسطيني: «لماذا لا تترافق الزيادة الكبيرة في عدد السكان مع زيادة المرافق الصحية وتطويرها لتواكب الحالات الحرجة؟».
لا يزال الخضري يذكر جيداً مشهد الطفل الفلسطيني الذي مات في العناية الفائقة بعد 6 دقائق من انقطاع الكهرباء، فيما كان الفنيون يحاولون تشغيل المولد الكهربائي يدوياً، لعدم وجود مولّد يعمل آلياً.

يعيش مليون “غزاوي” على المساعدات ووصل عدد شهداء الأطفال إلى 500
يتحدث الرجل عن صورتين يجسدهما الغزاوي: صورة الألم والمعاناة والنقص في الاحتياجات، في موازاة صورة الصمود والثبات والتمسك بالعزة والكرامة. ولكي تستمر الصورة الثانية، يحتاج الفلسطينيون، برأيه، إلى دعم مالي ومعنوي وسياسي لمواجهة الواقع اللاإنساني واللاقانوني واللاأخلاقي.
ويدعو رئيس المجلس الأعلى للطفولة في لبنان، إيلي مخايل، إلى وقف الندب والتحول إلى عمل مباشر يرسم الخطط لكسب تأييد المجتمع الدولي. مخايل يناشد المجتمع العربي احتضان القضية الفلسطينية في خطابه اليومي، مطالباً المناضلين الحقوقيين بتوثيق الانتهاكات ومتابعتها لمخاطبة الرأي العام العالمي، انطلاقاً من الوقائع وجعل ممارسات العدو موقع إدانة دولية.
ويرى وزير التربية حسن منيمنة ممثّلاً رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، راعي المؤتمر، «أنّ جريمة العالم المعاصر أنه نسي أطفاله، وأنزل بهم، بلا مبالاة قاتلة، ألوان الوجع والوجل والحزن والفقدان والخوف، فحُمِّلُوا آثاماً لم يرتكبوها، وعوقِبُوا على ذنوب لم يفعلوها، وصاروا سُوقاً رابحاً للمخدرات، وعمالة رخيصة لمشاريع الرِبح النَهِمَة، وأهدافاً عسكرية عند بعض المهووسين في العراق وأفغانستان ليحققوا بقتلهم الأطفال انتصارات وهمية». كذلك يستنفر منيمنة الطاقات العربية لتحريك ضمير العالم تجاه فلسطين لتجنيب أطفالها أنواع السحق والإبادة التي تمارسها يومياً آلة الموت الإسرائيلية.