نسرين دبيان*في يوم السلام العالمي (21 أيلول)، لا بدّ من وقفة تقويمية لحراك مجتمعنا. ففيما تتسابق وسائل الإعلام اللبنانية كلها للحديث عن الحرب وإذكاء الفتنة، تجهد بعض الجمعيات الأهلية، بإمكاناتها المتواضعة مادياً، لوأدها عبر العمل مع الشباب من مختلف المناطق. ففي هذا البلد، نستذكر تواريخ الحروب المتعاقبة والمجازر ونحيي الذكرى ونرفع الشعارات ونستنكر لنعود ونكرّر صناعة مآسينا. ثم يُتَّهم هذا الجيل بأنه جيل الفايس بوك والترانس والتاكتونيك، جيل الأزقة والمتاريس.

تجهد بعض الجمعيات في نشر ثقافة السلام بين الشباب

لهذا السبب، وفي تجربة فريدة من نوعها، لم ترغب جمعية «مبادرات للسلام»، وهي منظمة أهلية لبنانية، أن يدير ورشات عملها «سوا» أشخاص مختصّون، بل استعانت بشباب متطوعين درّبتهم على تعليم الأطفال ثقافة السلام خلال دورة تدريب أولى، بما فيها من ثقافة اللاعنف، طريقة حل النزاعات، حوار المعتقدات.
وقد بدأت الجمعية مشروعها فعلياً منذ عام 2007، من خلال نشاطات تربوية وترفيهية لثلاث مجموعات من الشباب في لبنان، من ثلاث مناطق مختلفة طائفياً: حارة حريك وبرج حمود ومخيم
البداوي.
وقد هدف المشروع إلى تعريف اليافعين على ثقافة السلام وتوعيتهم للاهتمام بالتنوع الديني والثقافي في البلد، من خلال خلق مساحة للقائهم وتعزيز التواصل بينهم لاحقاً عبر لقاءات دأبت على تنظيمها دورياً في مناطق مختلفة، وتحت عناوين مختلفة، في كل مرة. خلال تلك اللقاءات، تعرّف أبناء الوطن الواحد بعضهم إلى بعض عن كثب، كما تعرّفوا إلى مناطق من بلدهم لم يكونوا قد زاروها من قبل، لتثمر لقاءاتهم في النهاية تأليف وإنتاج أفلام تحريكية قصيرة تختصر ما اكتسبوه في إطار ورشات «سوا» التي هدفت إلى العبور بهم من ذاكرة الحرب والتوجّس من الآخر إلى ثقافة السلام، وكانت تعبيراً حياً عن رغبة بعض أبناء هذا الجيل في التلاقي.
* أستاذة تربية
في المرحلتين المتوسطة والثانوية