نظّم معهد الدراسات السمعية والبصرية (IESAV) بالتعاون مع سينما متروبوليس أول مهرجان للأفلام الطالبية التسجيلية تضمّن عروضاً وورش عمل وطاولة مستديرة أتاحت لقاء الطلاب بمخرجين محترفين
هاني نعيم
يبني مخرجو الأفلام التسجيلية حبكة أفلامهم على تجارب واقعية وشخصية، وينطلقون منها للإضاءة على ظواهر أكثر عمومية. فهنا، تتجاوز التجربة حدودها الشخصية الضيقة، لتتطرق إلى قضايا أكثر عمومية، وخصوصاً في ما يتعلق بالمواضيع الاجتماعية والسياسية والثقافية.
انطلاقاً من هذه الاعتبارات، وبوصف المخرج التسجيلي شاهداً على عصر أو على مرحلة، نظّم أخيراً معهد الدراسات السمعية والبصرية في جامعة القديس يوسف (IESAV)، بالتعاون مع سينما متروبوليس، أول مهرجان للأفلام الطالبية، تحت اسم «سجّل»، نهاية الأسبوع الماضي،
تضمّن المهرجان، إلى جانب ورش العمل، والطاولة المستديرة التي شارك فيها خبراء ومخرجون محترفون، عرض 11 فيلماً اختيرت كأفضل ما أنتجه الطلاب خلال السنوات الثلاث الأخيرة، تناولت قضايا الانتماء والهويّة، العلاقات الأُسرية، ومسألة الصدام بين الأجيال، إلى جانب هواجس أخرى تصاحب مخرجي الغد، كقضية الرقابة.
اخترق الطالب الياس سليمان عالم جدّه، «الياس حنا موسى سليمان»، بالفيلم الذي حمل اسمه. من خلاله، جالَس جدّه، واستكشف نظرته إلى الحياة والإنسان، ليستنتج بعدها أنّ موقع الجدّ مهمّ في العائلة، إذ إنه بمثابة صمام أمان لها. أما الطالبة راشيل نوجا، فقد قررت الاقتراب من عالم أخيها الذي يبلغ 11 عاماً، لتلاحظ أنه مليء بالعنف و«الأكشن» بسبب الألعاب الإلكترونية.
تختلف التجربة بالنسبة إلى الطالب سليم مراد، الذي حصد جائزة الجمهور والحكّام عن فيلمه «رسالة إلى أختي». إذ اكتشف سليم أنّ صورة الفتى التي كان يتأملها منذ صغره، معتقداً أنها صورته، هي في الواقع صورة أخته التي توفيت في سن الخامسة. يبدأ الفيلم بإرسال رسالة إليها، لينتهي بالحديث عن تجاربه وما يعيشه من جراء انتقال شخصيتها إليه.
أما الطالب روبير كريمونا، فيذهب في رحلة استكشاف إلى حيّ الجميزة، الذي يسهر فيه عادةً. يصادف امرأة مسنّة ترمي موادّ تنظيف مخلوطة بالمياه على رؤوس الساهرين أثناء عبورهم تحت شرفتها، ليدرك عندها أنّ هذا الحي يسكنه ناس، وليس مجرّد منطقة سهر. بعد ذلك، يقرّر الذهاب بعيداً إلى أعماق الجميزة، مع ثلاث شخصيات يُعدّون جزءاً من الحياة اليومية للشارع، يسردون حكاياتهم القديمة، ونمط حياتهم المختلف عما تفرضه حياة الشباب الليلية من ضوضاء وسهر: إنّه التفاوت بين الأجيال، يعالجه روبير على طريقته.
في فيلم نرمين حداد «عروسة الجنوب»، الذي نال جائزة الحكام أيضاً. تحضر قضية الهوية والانتماء من جديد. هي فتاة «مسيحية من بلدة عين إبل الجنوبيّة»، لم تزرها إلا بعد التحرير في 2000. والدها ذهب لبناء بيت العائلة هناك. تقرر الغوص في بلدتها، لتجد إن كانت تنتمي إلى هذه البقعة. ولكنها تواجه شريحة واسعة من أهالي قريتها تدافع عن الاحتلال الإسرائيلي، باستثناء «فتىً مسيحي صغير بكى يوم أخرجه أهله من الضيعة عنوة في حرب تموز 2006»، بينما كان يريد البقاء والمقاومة، استثناء لم يكن كافياً ليغيّر رأيها الذي أسرّته لوالدها بأسى «لا أستطيع الانتماء إلى هذه البلدة».