البقاع ــ رامح حميـةهي قروض صغيرة، نكاد نمتنع عن التصديق أنها قد تغيّر شيئاً في حياة أي كان. لكن، رغم ذلك، فإن مبلغ 300 ألف ليرة كان بمثابة قشّة تعلّقت بها عائلات لجأت ربّاتها إلى الجمعية اللبنانية للتنمية، من أجل فرصة للخروج من نفق الحاجة، فكان لها ما أرادت. «الحمد لله خرجنا من حياة التعتير والقلّة»، تقول ورد يونس الفرحة في حفل التكريم الذي جمعها بمبنى الجمعية في بعلبك، الأسبوع الماضي، بعدد من النسوة اللواتي استفدن من القرض المذكور للانطلاق بمهن أمّنت لهنّ الخروج من فك الفقر، فاستحققن تكريمهن لشجاعتهن.
أولاد نبيهة إدريس السبعة (45 عاماً) من بلدة النبي عثمان، «لم يكن لديهم بنطلون يغيرونه»، كما تقول لـ«الأخبار». هكذا، كانت حياتهم في ظل تعرض رب العائلة ومعيلها لإعاقة منعته من العمل، مجرد «بهدلة وتعتير». لم يكن في يد نبيهة إلّا ممارسة بعض ما تعرفه من زراعة بعض الخضار وبيعها، وهو عمل كان بالنسبة إليها مثل «الفعالة، وبنهاية كل يوم ما كنت لاقي بإيدي إلا ثمن الخبزات». لكن ادريس استطاعت بموجب القرض الجماعي الأول من المجموعة، الذهاب إلى سوريا وشراء ألبسة وأحذية وبيعها في منزلها، لتأتي الخطوة اللاحقة بقرض جديد تمكّنت من خلاله من بناء تنور على الحطب على الطريق العام للبلدة. وأوضحت أن كل المصارف في المنطقة رفضت إعطاءها قروضاً بسبب غياب الكفيل، إلّا أن «المجموعة» (الجمعية)، «وفّرتها لنا بفوائد ضئيلة جداً، وبثقة كاملة ومن دون كفالة». وأكدت أنها حالياً تستعد لأخذ قرض جديد لبناء غرفتين «تؤوينانني وعائلتي».
زينب العوطة 59 عاماً من مدينة بعلبك بدورها، تحدثت بالخير الذي أصابها على يد الجمعية. فالقرض الجماعي الذي حصلت عليه مع أربع نسوة (300 ألف ليرة) مكّنها من شراء بضاعة لمحل سمانة أمنّت من خلاله قسط ابنها محمد الجامعي، الذي تخرّج هذه السنة مهندساً في اختصاص الإلكترونيك. وأشارت العوطة إلى أن راتب زوجها الذي يعمل حارساً في قلعة بعلبك لم يكن يكفي «حتى لتأمين احتياجات العائلة المؤلفة من تسعة أولاد، فكيف بالأقساط؟».
أما ورد يونس (48 عاماً) من بلدة العين، فقد وصفت وضعها المادي السابق «بالعدم الشرعي»، وخاصة أن العائلة كبيرة ومهنة الخياطة «ما عادت تطعمي خبز، لأن الجميع يستدين ولا يدفع». لذلك، أخذت قرضاً من الجمعية مع بعض النسوة من قريتها، استطاعت بقيمته فتح محل لبيع الزجاجيات والبياضات التي تشتريها كل فترة من سوريا بسبب «رخص الأسعار»، وتالياً زيادة الأرباح.
المنسق العام للمجموعة فادي ناصر الدين أكد لـ«الأخبار» أن «الفكرة الأساسية التي قامت عليها «المجموعة» هي دعم المرأة المنتجة عبر قروض جماعية في كل بلدة أو قرية لبنانية بفوائد ضئيلة جداً، وأن الدعم يشتمل على خدمات مالية، هي عبارة عن قروض جماعية وفردية، وخدمات غير مالية كالدعم التقني والتدريبات وكيفية إدارة المشاريع، إضافةً إلى متابعة «المجموعة» للمقترضين ومشاريعهم وعرض منتجاتهم في المعارض المحلية والدولية وآخرها كان في مدينة ستراسبورغ الفرنسية». ولفت إلى أن الهدف الأساسي في مشروع التمويل الصغير الذي تقدمه المجموعة هو التنمية وتقوية المصالح الصغيرة، وتمتين الروابط الاجتماعية داخل القرى والمدن، وأضاف إن «الشفافية هي العنوان الحقيقي للمجموعة، فهي لا تميّز بين الطوائف والمناطق اللبنانية، الأمر الذي جعلها الأولى في لبنان من حيث عدد المقترضين، إذ بلغ عددهم 14 ألف مقترض ومقترضة، فضلاً عن أن لديها في السوق اللبناني ما يقارب 14 مليون دولار قروضاً على أنواعها».


ليس للبنانيين وحدهم

تشير عبير الديراني، المسؤولة الإعلامية في الجمعية اللبنانية للتنمية، إلى أن قروض المجموعة الجماعية منها والفردية، لا تقتصر على اللبنانيين فقط، بل تمتد لتشمل الأشخاص المقيمين إقامة شرعية في لبنان، وفي مقدمهم الفلسطينيون، وذلك عبر مكاتبها العشرة المنتشرة في جميع المحافظات، وتلك التي تنوي المجموعة افتتاحها في كل من الجنوب والبقاع الغربي والشوف. أضافت إن أنواعاً جديدة من القروض بُدئ بتأمينها، ومنها «قرض تحسين المنزل» الذي يمكّن رب العائلة صاحب الدخل المحدود من إصلاح منزله، وبالتالي «توفير النفقات التي يدفعها على الطبابة والاستشفاء»، أما النوع الآخر من القروض، فهو «زراعي موسمي» يراعي تنسيق الدفعات بطريقة تناسب إيراداتهم الموسمية.