بنت جبيل ــ داني الأمينكعادتهم، التزم أبناء القرى الحدودية منازلهم في ليلة رأس السنة، بعيداً من المطاعم والملاهي التي يقصدها عادة الكثير من اللبنانيين من المناطق الأخرى. «منذ أيام الاحتلال الإسرائيلي، نلتزم منازلنا حتى في ليلة رأس السنة في سهرة عائلية، نصنع الحلويات المنزلية ونشاهد ما تعرضه شاشات التلفزيون من برامج خاصة لهذه الليلة»، تقول رئيفة منصور من بلدة عيترون، وتضيف: «أصلاً ما في بالمنطقة مطاعم ومقاهي خرج هيك مناسبة، خاصة بسبب الأوضاع الاقتصادية المترديّة والأمنية الحذرة دائماً»، ثم تهز برأسها وهي تقول: «حتى التحرير لم يفلح في إدخال الدولة، بما تعنيه من مشاريع إنمائية، إلى هنا، ولو تعويضاً عن الحرمان خلال سنوات الاحتلال القاسية». وإن كان في ما تقوله السيدة جانب كبير من الصواب، إلا أن أجواء ذكرى عاشوراء، ساهمت أيضاً في الامتناع عن الاحتفال في ليلة رأس السنة. لا بل إن بعض أهالي القرى والبلدات استمرّوا ليلة رأس السنة بإقامة مجالس العزاء الحسينية مع أن العاشر من محرم قد فات. وتوكيداً على ذلك يقول فادي ترمس، من بلدة طلّوسة (قضاء مرجعيون): «لا نزال في أجواء الحزن العاشورائي، وعاداتنا لا تسمح لنا بإقامة أي مظهر للفرح في مثل هذه الأيام، إضافة إلى أن هذه البلدات خالية من أماكن الأفراح والملاهي الليلية، حتى أن القرى الحدودية، باستثناء بلدة مرجعيون، ليس فيها مطاعم كبرى صالحة للسهر».

أصلاً ما في بالمنطقة مطاعم ومقاهي خرج هيك مناسبة
أما السبب الثالث بالسهرات البيتوتية فهو تأثر الأهالي بما بثته الشاشات اللبنانية، قبل ليلة رأس السنة، من توقعات الفلكيين لعام 2010، لا سيما لجهة إمكانية شنّ حرب إسرائيلية على لبنان. لا بل إن علي حمزة من بلدة الجميجمة، قال إن والدته «ردّت طقم طناجر التيفّال الذي اشترته منذ أيام بمئة دولار، بعد سماعها توقّعات ميشال حايك لعام 2010، عن أن حرباً مقبلة يمكن أن تحصل بعد ثلاثة أشهر!». ويثير التاجر حسن داغر ما يتناقله بعض الأهالي، نقلاً عن التوقعات الاقتصاديّة للفلكيين من إمكانية ارتفاع أسعار العقارات في الجنوب، ما قد يساهم في زيادة الطلب عليها قبل ارتفاع أسعارها، ويردف: «حتى أن بعض النسوة بدأن يطالبن أزواجهن بشراء العقارات قبل ارتفاع أسعارها». أما كيف سيرتفع سعر العقارات مع أن حرباً ستقع؟ فهذا وحده يشير إلى شدة خوف الناس لدرجة تعطيل عقولهم. وفي هذا السياق يقول رامي ازريق: «طلبت مني والدتي الانتظار أشهراً عدّة قبل بدء بناء منزلي لأن منجّماً توقّع حرباً هذا العام، فالجنوبيون يعتبرون أن أي حرب مقبلة تعني دمار منازلهم».