مهرجانات بعلبك الدوليّة منذ انطلاقتها لا تخاطب الجمهور هنا
لم يعجب ماهوغاني وفرقته الشباب الثلاثة الذين تداعوا فجأة: «قوموا نفلّ ونروح نسمع أبو جميل على المرجة أحسن من هيدا». يغادر الشباب المسرح الى حيث أبو جميل الذي يظهر أنه أحد المغنين المحليين أو من «شلة» الشباب حيث لهم «مزاجهم» الخاص وسهراتهم. إذ إن مهرجانات بعلبك الدولية هي «دولية»، ولا تناسب جمهور المنطقة الشديد المحلية أحياناً، كما يقول أستاذ علم الاجتماع د. محمد ياغي الذي يرى أن مهرجانات بعلبك الدولية منذ انطلاقتها في خمسينيات القرن الماضي «لا تخاطب الجمهور هنا، فالتسويق للمهرجان لبناني وعالمي، أما الحضور الشعبي البعلبكي لفعاليات المهرجان فيبقى محدوداً لا يشارك إلا في حفلات «أهل البلد» التي تنظّمها اللجنة بأسعار مخفوضة، حيث يتسم الدخول والجلوس بكثير من الفوضى لم تستطع اللجنة يوماً تنظيمه، كما لو أنه فقط لرفع العتب، ولا سيما أن المهرجانات دولية ولا تخاطب الثقافة المحلية التي لها مزاجها وذوقها الفني والموسيقي الخاص بها». ويضيف ياغي إن البعد الثقافي لمهرجانات
حين تحاكي البرمجة الثقافة الفنية لأبناء المنطقة يكون الحضور مميزاً
اقتصار الحضور في مهرجانات بعلبك الدولية على «النخب المثقفة» والميسورين مالياً (أسعار البطاقات تراوح بين مئتي دولار أميركي ـــــ حفلة ميكا أو ما يعرف بنابغة موسيقى البوب ـــــ و20 دولاراً كحد أدنى) أسهم في تراجع الحضور في معظم الحفلات التي أقيمت حتى الآن. ويوافق ياغي على ذلك قائلاً «من هنا نرى الحضور الكثيف في حفلة أهل البلد (سعر البطاقة عشرة آلاف ليرة) حيث لا يقتصر على البعلبكيين، بل على مختلف مناطق لبنان».
ماذا تستفيد بعلبك!
يقول بعلبكيون إن مهرجانات مدينتهم ليست لهم بالأساس، وهي كانت مناسبة أكثر لهم قبل الحرب الأهلية، ثقافياً واقتصادياً. ويقول ياغي إن أسباب فشل المهرجان في تحريك الدورة الاقتصادية في المدينة يعود إلى أسباب عدة، فالعامل الاقتصادي غير مساعد للتنمية السياحية بسبب تقصير الدولة في هذه التنمية لكي تكون حافزاً محلياً للمساهمة. ويضيف إن أغلبية المشاركين في المهرجانات يغادرون المدينة فور انتهاء العروض ولا يدخلونها أبداً، والقضية ليست مسؤولية الدولة فقط، وإنما المجتمع المحلي الذي لم يساعد في تطوير وتنمية مدينته على الصعيد الخدماتي وبناء مؤسسات فندقية وأماكن سهر تسهم في إنعاش المدينة.