نضال حمدمنذ 17 يوماً، يرتكب المجرمون الصهاينة جرائم يومية ومشاهد تدمى لها القلوب. مشاهد بالغة القسوة والحزن، تحطم الأفئدة، تفجّر الغضب الكامن في الصدور، وتصنع قنابل من الأجسام الحية والأجسدة الشابة الطرية. هذه التي تتحول بغضبها إلى أحزمة ناسفة تصبح جاهزة لصد العدوان ورد الصاع صاعين. إجرام الصهاينة يخلق مدرسة جديدة وجيلاً جديداً من الاستشهاديين الذين سيقضون مضاجع الصهاينة في كل فلسطين المحتلة.
العالم الذي هبّ لوقف الحروب والمذابح والمجازر والإبادة في رواندا ويوغوسلافيا، ثم لمحاسبة النظام العراقي واحتلال أفغانستان هو نفسه الذي يقف الآن إما متفرجاً أو مؤيداً للإرهاب الصهيوني في غزة. نعتقد أن حرب غزة ستغيّر الخريطة وتعيد ترتيب المنطقة. وسوف تطيح حكومات عميلة وحكام عملاء في المنطقة. وستعيد ترتيب البيت العربي وكذلك البيت الفلسطيني. وقد تستطيع إنهاء مهزلة اسمها الأمم المتحدة ومجلس أمنها الدولي، ومهزلة أخرى اسمها الجامعة العربية.
شمعون بيريز صرّح بكلّ وقاحة بأنْ لا أطفال بين ضحايا غزة، ما أثار غضب عضو البرلمان النرويجي عن حزب العمل الحاكم اسبن يوهنسن الذي طالب لجنة نوبل بسحب جائزة نوبل من بيريز، لأنه يدافع عن جرائم إسرائيل في غزة. بيريز ينفي علناً قتل الأطفال، بينما جنوده يقومون بقنصهم في أفئدتهم. يصوّبون رصاصاتهم نحو قلوب الأطفال والفتيان والفتيات... ويقتلونهم بطرق فاشية وإرهابية. وحين تتوقف القناصات، تقصف الدبابات والزوارق الحربية وطائرات إف 16 والمروحيات الأباتشي المدنيين الفلسطينيين في منازلهم ومدارسهم ومساجدهم وأينما كانوا في غزة.
فظاعة وبشاعة وإرهاب لا مثيل له في هذا الزمان. آباء وأمهات منكوبون بأبنائهم وبناتهم وأطفالهم وعائلاتهم وممتلاكتهم. مشاهد فظيعة، والذي لا يتعامل معها بأخلاق وصدق يكون عديم الأخلاق والصدقية. يكون وحشاً على هيئة إنسان. وهذه حال الحكام العرب قبل الأجانب، حكام المذلة والعار والخنوع، الذين لا يستحقون حتى بضع بصقات من أطفال غزة... حكام العرب إما منافقون وإما جبناء أو أذلاء لا حول لهم ولا قوة. فهل يعقل أن يظلوا على صمتهم بالرغم من جرائم يومية ترتكب بحق إخوتهم في فلسطين. يُقتل أهلهم هناك على مرأى منهم ومن جنرالاتهم الكرتونيين وجيوشهم الخشبية.
ليس الحكام العرب وحدهم وحوشاً جبناء، لكن هناك أيضاً العالم المنافق، العالم الذي لا أخلاق له ولا قيم ولا مبادئ، عالم يتوقف عن الكلام والشكوى والإدانة والمحاسبة والعقاب عندما يأتي الارهاب من طرف الكيان الصهيوني في الدولة العنصرية اليهودية على أرض فلسطين المحتلة. الصهاينة يقتلون أهل غزة بدماءٍ باردة. فقد أبادوا عائلات كاملة بالعشرات. أعدموها رمياً بالرصاص أو قصفاً بالقنابل وصواريخ الطائرات. لم يأبهوا لأي قانون دولي أو إنساني أو أخلاقي. انتهكوا كل الأعراف والقوانين والقيم، ولم يحترموها، بل وجدوا من يقف معهم ويتفهمهم ويصرّح دعماً لحملتهم الدموية على الشعب الفلسطيني. هذه المواقف متشابهة سواء في الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة والأنظمة والحكومات العربية.
أوباما الذي هبّ لإدانة الإرهاب في بومباي بالهند لم يحرك ساكناً لأجل غزة. وفي هذا رسالة واضحة تؤكد أنه لن يكون سوى دمية طيِّعة بأيدي الصهاينة كما توقعنا له ذلك أثناء حملته الانتخابية. أما فرعون العصر رئيس أكبر دول العرب، مصر التي تحاصر غزة منذ عدة سنوات وتمنع عنها أي شيء، فتتحول إلى وكر تآمري على الفلسطينيين بالرغم من موقف الشعب العربي المصري الأصيل.