وفاء عواد
جلسة في ساحة النجمة قيّض لها أن تستحيل رقماً في سجّل المساعي الآيلة لحلّ الأزمة اللبنانية، الرئاسة لا تزال شاغرة للشهر الرابع على التوالي، وغادر الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بيروت للبحث عن الحلّ في الأدراج العربية، من دون أن يحدّد موعداً للعودة، والمبادرة العربية مدّدت لنفسها بتركها أبواب الحوار مفتوحة، ولو على مواعيد رباعيّة غير محدّدة. أما الأزمة السياسية فـ«مكانك راوِح»، وبات معها الانتظار سيّد المواقف. فماذا بعد؟
وفق حسابات المعارضة، المبادرة العربية «ما زالت قائمة»، وقد جاء قرار تأجيل جلسة انتخاب الرئيس إلى 11 آذار المقبل من باب «إعطائها فرصةً، قبل انعقاد قمّة دمشق»، وفق رأي النائب علي حسن خليل، وإن كان قرار نعيها مرتبطاً بـ«مساعي ما قبل القمّة، وما بعدها»، حسب قراءة الوزير المستقيل محمد فنيش، الذي لخّص المطلوب بالقول: «لا يمكن تجاوز ما هو حاصل بشعارات خدّاعة. لدينا أزمة تكوين سلطة، وهناك فريق يرى نفسه غالبية، وإن كان هذا لا يخوّله تكوين السلطة وحده، كما هي الحال بالنسبة للمعارضة. فيما إعادة تكوين السلطة تتطلّب البدء بالشراكة الحقيقية».
وانطلاقاً من إصراره على أهمية «التمسّك بالأمل»، ولو أن مراقبة ما يجري لا تعني له «توقّع أمور غير اعتياديّة»، فإن فنيش يسبغ على مصير المبادرة العربية صفة «التعثّر»، بعيداً من إعلان نعيها، فـ«القرار مرتبط بالتعقيدات الإقليمية والدولية، فيما عجز الفريق الآخر لم يعد محصوراً بهموم المصلحة الداخلية، بل تخطّاه إلى عدم القدرة على تجاوز تعقيدات الخارج، بانتظار تطوّرات ما قد تفيده»، مجدّداً التأكيد على أن المعارضة «لم يعد لديها ما تعطيه، وهي جاهزة لملاقاة الموالاة عند اعترافها بعجزها الحاصل».
وفي جردة حساب سريعة، يرى رئيس «الكتلة الشعبية» النائب الياس سكاف أن «المبادرة العربية انتهت»، فـ«لماذا يتعبون أنفسهم في التمثيل وتضييع الوقت؟»، مقارباً رؤيته من زاوية «الأجندة» الأميركية التي «تضع مصلحة إسرائيل فوق مصلحة لبنان». ووفق معطيات الساعة، يشير سكاف إلى «المجهول» الذي ينتظر اللبنانيين، في ظل وجود «فريق يهرب من المشكلة، وفريق آخر يذهب في اتجاهها»، مكتفياً بالقول: «بالي مشغول، لكنني لا أريد أن أكون جزءاً من المؤامرة الكبيرة».
وبعيداً من التشاؤم، يعلّق النائب نبيل نقولا آمالاً كبيرة على وعي اللبنانيين، بما يفتح المجال مجدّداً أمام الحوار الداخلي، كـ«وسيلة أفضل من التدخلات الخارجية التي أوصلتنا إلى هنا»، من دون نسيان الدول العربية التي «وضعت إطاراً للحوار المطلوب»، لافتاً إلى أن المشهد اللبناني بات أكثر وضوحاً ومن دون أقنعة: «هناك فريق لا يريد مشاركة الآخرين إلا بشكل رمزي، وفريق آخر يريد المشاركة الفعلية».
ومن واقع اللقاءات الرباعيّة التي انعقدت في ساحة النجمة، والتي كان مشاركاً فيها إلى جانب النائب ميشال عون، يتوقع نقولا أن تشهد الأيام الآتية لقاءات وحوارات، إن بشكل مباشر أو عبر قنوات أخرى داخلية، لأن «النيّة موجودة»، في ظل مبادرة عربية «ما زالت قائمة»، مشيراً إلى أن أمر الآتي رهن بـ«وعي الموالين لأهمية الشراكة»، وإلا فـ«لن نصل إلى نتيجة».