رامي زريقصدر عن البنك الدولي منذ بضعة أيام تقرير يتناول وضع المياه في فلسطين المحتلة، يشير إلى التفاوت الصارخ في توزيع المياه بين الفلسطينيين والمستعمرين، ويوضح أن حصة الفرد الإسرائيلي من المياه تزيد بنسبة أربعة أضعاف عن حصة الفلسطيني. تمثّل قضية المياه محوراً أساسياً في الصراع العربي الإسرائيلي، ويرى العديد من المحللين السياسيين أن الاستيلاء على مصادر المياه الجوفية للضفة الغربية والتحكم في المنابع الأساسية لنهر الأردن التي يزيد حجم مواردها على مليار متر مكعب سنوياً كان أحد الأسباب الرئيسة لاحتلال الضفة الغربية والجولان.
تزامُن سرقة المياه مع اغتصاب الأرض وقيام دولة «إسرائيل» التي تستهلك سنوياً أكثر من ملياري متر مكعب من مياه فلسطين وسوريا ولبنان، لتهدرها في قطاع زراعي ذي فعالية اقتصادية متدنية، يعيش على الدعم المالي المباشر.
لهذا القطاع هدفان أساسيان: الأول استعماري، فالزراعة الإسرائيلية هي أداة لوضع اليد على أراض جديدة وهذا من خلال المستعمرات التي تقوم على ركام قرى فلسطين.
أما الثاني، فهو إعلامي، غرضه دعم الفكر الصهيوني المبني على أكذوبة «تخضير الصحراء»، التي لا يزال العديد من الصهاينة العرب، ولا سيما اللبنانييين منهم يرددونها بغباء الببغاء.
إلا أن الصهاينة أنفسهم قد تعبوا من حيلة «تخضير الصحراء»، إذ تصاعدت خلال السنوات الأخيرة أصوات من داخل مجتمهم تندد بالهدر المائي وتقترح تقليص الزراعة وتوفير المياه بهدف بيعها إلى... الفلسطينيين والأردنيين وفق خطة تطبيعية مدروسة!
وبذلك، تكون قد اكتملت المهزلة التاريخية التي بدأت بنكران وجود الشعب الفلسطيني ونهبه، والتي قد تنتهي بإعادة بيعه ما سرق منه تحت مباركة عربية لا تبالي حتى بحفظ ماء الوجه..