حسن خليل


لإرسال رسالة الى المحرر، انقر هنا

كم فرحَ العديدون عند سماع الخطاب الأخير للرئيس فؤاد السنيورة في الجلسة الختامية، وازدادوا فرحاً عند سماع الخطاب الوداعي ــــ الافتتاحي للرئيس نبيه بري عند إعادة انتخابه. مَن قال إن لبنان ليس بخير. هو بألف خير. إذاً لماذا تنافسَ جمهورا الموالاة والمعارضة بشأن عدد المشتركين في التظاهرات المليونية؟ وعلى ماذا اصطفَّ جمهورا الطرفين؟
يُخيَّلُ، كما في أفلام الدراما، مواطنون يتساءلون في ما بينهم وبين بعضهم بعضاً، على ماذا اختلفنا وشتمنا بعضنا بعضاً بحماسة الكريه للمكروه؟
ــــ هناك مَن يبشّرنا بأن المحكمة الدولية أصبحت وراءنا. هل هذا يعني أنها أمرٌ واقع سيُظهِر الحقيقة قريباً ويُعاقب الفاعل، أم أنها فعلاً، بالمعنى اللغوي، أصبحت وراءنا؟
ــــ هل من تجانس فكري وأيديولوجي بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل مروراً بالكتائب والتقدمي الاشتراكي وبقايا رموز 14 آذار، أم أن ما يربطها ضمانات للبقاء في السلطة؟
ــــ ما مغزى مغادرة وليد جنبلاط 14 آذار إلى «الوسطيّة» غير المفهومة حتى الآن بدايتها وحدودها و«عمق استراتيجيتها» (غير ضمانات اقتسام الحصص المستقبلية في السلطة)، وهل طبيعي أن ضمير هذا الرجل يصحو لينام ثم يصحو في أي اتجاه شاء ليجد حضناً دافئاً متى أراد؟
ــــ هل صحيح أن 14 آذار انتقلت إلى حالة «الوطنية» لـ8 آذار واستنتجت أن المقاومة هي قوة لبنان وأن سلاحها أصبح خارج طاولة الحوار، «وما أدراكَ ما طاولة الحوار»، أصبحت كأنها نادٍ بريطاني عريق يستعمل النافذون في المجتمع السياسي جميع الوسائل للحصول على عضويته، شرطَ أن يحصل على تأييد أربعة أعضاء؟ وهذا يقودنا إلى السؤال التالي:
ــــ ما هو هدف طاولة الحوار، ما دامت المحكمة الدولية قد أُقرّت والعلاقات الدبلوماسية مع سوريا تمّت، وسلاح المقاومة أصبح خارج البحث وترسيم الحدود يحصل و.. و... هل هي فقط دلالة على أهمية الجالسين إليها في «المجتمع السياسي اللبناني»؟
في الطرف الآخر،
ــــ هل من تجانس فكري وأيديولوجي بين قوى 8 آذار، أم أن ما يربطها بعضها ببعض صراعات البقاء والحفاظ على حصصها في السلطة ولو كان ذلك على حساب بناء الدولة ضمن شعارات التنمية والتغيير والإصلاح و...؟
ــــ كيف يمكن جمهور المعارضة الإصلاحي أو الثوري تقبّل منطق أن المقاومة، بعد كل ما قدمته من شهداء وتضحيات ليصبح لبنان بكامله (ليس بجنوبه فقط) قوياً مقارنةً بكل المليارات التي صُرفت على الجيوش العربية، أن يصبح خطاب المقاومة باستمرار تبريرياً في حدّه الأدنى، واعتذارياً بحدّه الأقصى، هل يصحّ منطق كهذا إلا في لبنان؟
ــــ هل من ساذج يعتقد أن لبنان ما هو إلا كيان جغرافي فقط يرتفع أو ينخفض مستوى سيادته حسب التوافقات والتوازنات الإقليمية والدولية؟
ــــ أخيراً وليس آخراً، هل تملك الموالاة أو المعارضة مشروعاً واضحاً للعبور إلى الدولة خارج النظام الطائفي التافه، إلا ضمن شعارات تبدأ بـ«لبنان أوّلاً» وتنتهي حين يعجز معجم اللغات؟
ربما من المفيد إعادة تحليل فترة حكم آخر الخلفاء الراشدين...
طبعاً الطرفان يستعملان الأسباب التخفيفية ببراعة، بأن وحدة الصف ومصلحة الوطن (الذي لا نعرفه حتى اليوم) هما اللذان يفرضان التنازل والمساومة. والطرفان سيطرحان سؤالاً مضاداً علينا: هل تريدون منّا أن نبقى مختلفين إلى حد أن يصبح الوطن (الذي لم نعرفه قط) هو الضحيّة؟ ولماذا ينتقدنا النقّاد إن تصالحنا أو وصلنا إلى حد أدنى من التفاهم في ما بيننا لمصلحة الوطن؟
نعترف بأننا أخطأنا في الانتقاد. وهنيئاً لكم الوفاق.
نعم، لقد أسعدنا عبد اللطيف الزين بالإضاءة على صدفتي جلوس غسان تويني ووالده التي تبعها هو مع نائلة تويني وبتهنئة المرحوم بشير الجميّل تبعه جلوسه مع نديم الجميّل. لقد ذكّرنا بأن وراثة السياسة هي أيضاً مثل وراثة المال، ولكن لا ضريبة عليها. ورأينا بأُمّ العين قوى قبل الطائف وبعد الطائف تتعارك لتتصالح ثم تتعارك لتتحالف مجدداً. الفرق هو في التعبير اللغوي فقط.
نعم، نعترف بأننا أخطأنا في الانتقاد. وهنيئاً لكم الوفاق. ولكنّ لنا طلباً صغيراً جداً: اختلفوا في ما بينكم أو تصالحوا ولكن المرة المقبلة (وللمرة الألف) نرجوكم أن اتركونا لشأننا واتركوا جماهيركم المليونية وشأنها.
كم هم مساكين جماهير الموالاة والمعارضة، وكم هو مسكين هذا «الكيان الجغرافي» المسمّى لبنان!