strong>فاتن الحاج
«لا تتركونا في بحور الجهل نغوص ولا في غيابة الجب نموت ولا نجد من يعيلنا»، دعوة صريحة وجهها الطلاب الجامعيون الفلسطينيون إلى وكالة غوث اللاجئين «الأونروا»، محمّلين إياها مسؤولية ضياع مستقبلهم التعليمي.
الطلاب رفضوا في اعتصام الأمس أمام مكتب الوكالة في بئر حسن «سياسة التجهيل»، لأنّه «من حقنا أن نتعلم»، وكأنّ «المعاناة لا تكفي لكي تكملها الأونروا بنكبة جديدة على شعبنا». صرخوا بحرقة في وجه «القابعين وراء الأسوار»: «بدنا نعيش بحرية، بدنا أقساط العربية، بدنا العودة للبارد، بدنا أقساط الطالب، يا أونروا وينك وينك، شعب البارد قدّام عينك، مش ساكتين مش ساكتين، على الحق مش ساكتين، قولوا الله قولوا الله، شعب البارد مش حيللا».
أمام عبد الله زعرورة ويامن حامد ورفاقهما في جامعة بيروت العربية أسبوع واحد لتسديد الأقساط، وإلاّ سيكون مصيرهم الصرف، «لأنّنا لم ندفع ولا فرنك». يؤكد عبد الله الذي لا يجد من ينقذ عامه الدراسي، ولا سيما أنّ أباه مريض وأخاه يعمل «ع قدّو»، ولديه إيجار بيت ومصاريف يومية، ولا من يستجيب.
ومع أنّ والد أسماء أستاذ في الأونروا، لكن كان عليه أن «يشاركنا الاعتصام»، على حد تعبيرها، لأنّ حقوقه مهضومة في هذه الوكالة التي «تقبض الأموال من الدول المانحة، ولا توزع منها شيئاً». «سمعنا أنّ المملكة العربية السعودية وإيران وغيرهما من الدول قدّمت بعض المساعدات لدعم الشعب الفلسطيني، وما زلنا ننتظر يلحقنا طرطوشة»، تقول هبة وهبي التي تعتقد «أنّ الأموال تصرف في غير مكانها الطبيعي، وربما على سياراتهم الفارهة ورحلاتهم السياحية».
أما رئيس اتحاد الشباب الديموقراطي الفلسطيني «أشد»، يوسف أحمد، فيذهب إلى أبعد من ذلك، ليتحدث عن تقصير «الأونروا» في تفعيل اتصالاتها لتوسيع دائرة الدول المُسهمة في المنح الجامعية التي لا تصل إلا إلى 4% من مجموع الطلاب الجامعيين الذين يناهز عددهم ثلاثة آلاف طالب.
وأكد أحمد أنّها الصرخة الأولى لهذا العام، ولن تكون الأخيرة ضد سياسة التهرب من المسؤولية عن تأمين التعليم لجميع الطلاب الفلسطينيين، وخصوصاً بعد النكبة الجديدة التي حلّت بمخيم نهر البارد، وأدخلت 250 طالباً يدرسون في جامعات مختلفة في نفق مظلم.
وفيما لفت أحمد إلى لغط في الآلية والشروط الصعبة الموضوعة للمنح التي تقدمها الأونروا، رفض «التذرع المستمر بعجز الأونروا عن تأمين المساعدات الجامعية، ولاسيما أنّ الأموال تهدر هنا وهناك على شخصيات من الوكالة في قضايا لا تمت بصلة إلى مصلحة هذا الشعب».
ولا ينسى أحمد أن يذكّر بدور منظمة التحرير الفلسطينية، التي ينبغي عليها تبنّي معاناة الطلاب، داعياً اللجنة التنفيذية إلى المبادرة سريعاً واتخاذ الخطوات الضرورية التي تسهم في تجاوز الأزمة الكبرى. كذلك أكد أهمية المبادرات الإيجابية للمؤسسات الأهلية.
وتساءل نبيل فارس، باسم الطلاب الجامعيين، عن الذنب الذي اقترفه الطالب الفلسطيني ليدفع ثمن إيقافه عن متابعة دراسته الجامعية، مشيراً إلى أنّ الكثير ممن نجحوا في الشهادة الثانوية لم يتسجّلوا في الجامعة نتيجة عدم قدرتهم على تأمين تكاليف تعليمهم. وأثنى على مبادرة اتحاد الشباب الديموقراطي الفلسطيني لرفع الصوت عالياً، فكانت «صرخة طالب» هي العنوان الأساسي لهذه المبادرة.
وسلّم المعتصمون مذكرة إلى مسؤولة التربية في وكالة الأونروا عفاف يونس، ومنها إلى المدير العام للوكالة ريتشارد كوك، على أن يستكملوا التحرك باتجاه منظمة التحرير الفلسطينية، واعتصامات أخرى في المناطق.