رغم بقاء مصير الزعيم الليبي، العقيد معمر القذافي، مجهولاً بعد إلقاء القبض على نجله سيف الإسلام، يبدو أن حقبة «ملك ملوك أفريقيا» قد انتهت، حسبما أعلن من الشرق رئيس المجلس الانتقالي، مصطفى عبد الجليل، الذي أبدى امتعاضه، خلال مؤتمر صحافي عقده في بنغازي، من بعض ممارسات الداخلين الى العاصمة الليبية طرابلس من الثوار، بسبب ما قاموا به من تخريب وإضرار بالممتلكات العامة والخاصة، وأكد أمس إسلامية ليبيا في المرحلة المقبلة. أما الرئيس الأميركي باراك أوباما، فكان مشغولاً بوضع الخطوط العريضة لصورة الأوضاع في الجماهيرية، محذراً من أن القتال لم ينتهِ بعد، ومجدداً معارضته لنشر قوات أميركية برية فوق الأراضي الليبية.
وقال عبد الجليل، الذي كان وزيراً للعدل قبل أن ينشق عن النظام، «الآن أقول وبكل شفافية إن حقبة القذافي بكل مساوئها قد انتهت. وعلى الشعب الليبي أن يعلم أن المرحلة المقبلة لن تكون مفروشة بالورود، فأمامنا الكثير من التحديات وعلينا الكثير من المسؤوليات، ابتداء من معالجة الجروح ووضع أيدينا في أيدي بعض».
وأضاف رئيس المجلس الوطني إن «لحظة النصر الحقيقية حين يتم القبض على معمر القذافي»، مؤكداً «أننا على أبواب مرحلة جديدة نسعى خلالها إلى بناء دولة على الأسس والمبادئ التي التزمنا بها، وهي الحرية والعدل والمساوة والديموقراطية في إطار إسلامي معتدل». وهدد بالاستقالة «إذا كانت الأمور ستسير بوضعية انتقامية»، محذراً من جماعات إسلامية متطرفة في صفوف الثوار تأخذ بالثأر، لكنه أضاف «إنهم قلة».
وفيما كانت الهواجس تسيطر على معظم أبناء الشعب الليبي وبعض المراقبين من سيطرة حلف شمالي الأطلسي على الهضبة الأفريقية، حاول ممثل المجلس الوطني الانتقالي لدى مصر، عبد المنعم الهوني، طمأنة المتخوفين بقوله إن «ليبيا لن تسمح بعد الثورة بوجود قواعد لحلف الأطلسي». وأضاف، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية، إن «الشعب الليبي ثار منذ السبعينيات ضد القواعد الغربية ولن يكون هناك قواعد لغير الليبيين في ليبيا». غير أنه أكد أن «الشعب الليبي لا ينسى الجميل»، مضيفاً «نشكر الناتو على ما قام به لأن مساعدته قللت الفاتورة البشرية».
وفي تماه واضح مع تصريح عبد الجليل حول إسلامية ليبيا، تابع الهوني، الذي كان يشغل موقع المندوب الدائم لليبيا لدى الجامعة العربية قبل أن ينشق عن القذافي، «ليبيا دولة عربية إسلامية قبل حلف الأطلسي وبعده، وهي جزء من أمتها العربية الإسلامية وعضو فاعل فيها».
أما القائم بالأعمال لدى السفارة الليبية في لندن، محمود الناكوع، فأكد من ناحيته أنه لن يحدث فراغ في السلطة، مؤكداً أن المجلس الوطني الانتقالي سينتقل من بنغازي الى طرابلس «قريباً».
وفي السياق، ذكرت محطة «الجزيرة» الفضائية» أن نجل القذافي الأكبر محمد الذي سلم نفسه للثوار الأحد، فرّ إلى جهة مجهولة، بعدما وضعته المعارضة قيد الإقامة الجبرية. كما ذكرت قناة «العربية» الفضائية أن المعتصم ابن القذافي موجود في مجمع باب العزيزية. وأضافت إن دبابات تابعة للقذافي تمركزت عند مدخل المجمع. وأشارت قناة «الجزيرة» إلى العثور على جثتين يرجّح أن تكونا لنجل القذافي خميس ومدير الاستخبارات عبد الله السنوسي.
في هذه الأثناء، قالت جنوب أفريقيا إنها لم ترسل طائرات إلى ليبيا لإخراج الزعيم الليبي وعائلته إلى مكان غير معلن. كذلك، قالت مالطا إنه إذا حاول القذافي أو أي مسؤولين كبار في الحكومة الليبية الفرار إليها فإنها ستسلمهم على الفور إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وعلى مستوى التحركات الدولية، دعا الاتحاد الأفريقي الى عقد اجتماع لمجلس السلم والأمن على مستوى رؤساء الدول يوم الجمعة المقبل في أديس أبابا لبحث الوضع في ليبيا، بحسب مصدر رسمي، فيما أعلنت الولايات المتحدة أن دبلوماسيين يمثلون الدول الأعضاء في مجموعة الاتصال حول ليبيا سيجتمعون الخميس في اسطنبول بهدف «تنسيق المراحل المقبلة»، رغم دعوة فرنسا المجموعة إلى الاجتماع في باريس في وقت سابق من يوم أمس.
وعلى الضفة الأخرى، قال أوباما، في بيان إلى الصحافيين في مزرعة مارثاز فاينيارد بولاية مساتشوستس التي يقضي فيها إجازته مع عائلته، إن عهد معمر القذافي «يقترب من نهايته»، وحضّه على أن يعلن «بوضوح تنحيه عن السلطة»، مطمئناً إلى أن «مستقبل ليبيا هو بين أيدي شعبها». وفيما حذّر الرئيس الأميركي من أن «العدالة في ليبيا لن تأتي بالانتقام والعنف»، أكّد أن «حكم القذافي قد انتهى، لكن القتال في ليبيا لم ينتهِ». وفي الإطار نفسه، جزم بأن بلاده «ستكون صديقاً وشريكاً لليبيا الجديدة»، رغم اعترافه بأن «الوضع في ليبيا لا يزال غامضاً، لكن من الواضح أن نظام القذافي يقترب من نهايته».
كما وردت محاولات طمأنة على لسان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، العقيد ديف لابان، الذي أكد أن الولايات المتحدة لا تعتزم إرسال قوات برية الى ليبيا للمساعدة في أي عمليات دولية لحفظ السلام بعد سقوط القذافي. لكنه أشار إلى أن من المتوقع أن تستمر عمليات المراقبة الأميركية فوق ليبيا في إطار بعثة حلف الأطلسي خلال الأيام المقبلة.
من جهته، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أنه دعا إلى عقد قمة حول الوضع في ليبيا بحضور قادة الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وكذلك منظمات إقليمية أخرى «الخميس أو الجمعة في نيويورك».
(الأخبار، يو بي آي،
رويترز، أ ف ب)