بعد أيام على التوتر الكبير داخل سجون العدو الإسرائيلي، حيث يقبع أكثر من خمسة آلاف أسير فلسطيني، انتهت أمس جلسات حوار عقدها ممثلون عن الأسرى مع إدارة السجون الإسرائيلية من دون التوصل إلى نتائج، في ظل تهديد مصلحة السجون الإسرائيلية بالتصعيد، وسط تزايد عدد الأسرى المضربين عن الطعام إلى نحو 150، مع انضمام أسرى جدد من حركة «الجهاد الإسلامي» إلى الإضراب.
ونقلت إذاعة الأسرى، المقربة من «الجهاد الإسلامي»، عن مصادر في السجون أن اللقاء الذي عقد بين ممثل حركة «فتح» و«الجهاد الإسلامي» مع مدير سجن رامون انتهى أمس، على أن تصلهم الردود اليوم (الاثنين) برغم توتر الأوضاع في نفحة ورامون بعد إقدام إدارة السجون على حملة شرسة ضد الأسرى منذ ما يزيد على أسبوع شملت نقل نحو 140 منهم قسراً.
يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه «الهيئة القيادية لأسرى الجهاد» في السجون، أمس، أنه سيجري اليوم حل «تنظيم حركة الجهاد الإسلامي في كل السجون رداً على تعنت إدارة مصلحة السجون بالاستجابة لمطالب الأسرى بعودة المنقولين إلى سجن ريمون وإلغاء العقوبات الصادرة بحقهم». ونقلت «مؤسسة مهجة القدس للشهداء والأسرى»، عن الهيئة أن 33 من أسرى الحركة «المنقولين تعسفياً من ريمون إلى نفحة سيدخلون اليوم (أمس) إضراباً مفتوحاً عن الطعام، مطالبين بحقوقهم العادلة... ومنع وحدة القتل المسماة متساداة من الدخول إلى غرف الأسرى». لكن مؤسسات رسمية وأهلية تتابع شأن الأسرى نقلت في وقت لاحق أنه تقرر تعليق الإضراب لأسبوعين لإتاحة الفرصة للمشاورات. ووفق متابعين لشأن الأسرى، فإن «حل التنظيم» وغياب ممثلين عن الأسرى في الحوار مع إدارة السجون يهدفان إلى الضغط على الإدارة التي ستضطر إلى التعامل مع كل أسير على حدة، وهو يشكل حالة من الفوضى التي لا تقدر سجون العدو على السيطرة عليها.

دخل الأسير محمد علان
مرحلة خطيرة بعد تواصل
إضرابه 55 يوماً


وكانت هيئة أسرى «الجهاد» قد توعدت بخطوات وصفتها بأنها تصعيدية وغير مسبوقة، لا بسبب الهجمة القمعية فقط، بل لتهديد سلطات الاحتلال بتطبيق التغذية القسرية بحق الأسير المضرب عن الطعام محمد علان، بعدما أقرها الكنيست الإسرائيلي، فضلاً عن المطالبة بإنهاء العزل الانفرادي «للأسير المجاهد نهار السعدي». وفيما رأت الهيئة أن إقدام العدو على تنفيذ «التغذية القسرية» بحق علان هو كقرار بإعدامه، نقلت «مهجة القدس»، أمس، أن علان (يواصل إضرابه المفتوح عن الطعام لليوم الخامس والخمسين على التوالي رفضاً لسياسة الاعتقال الإداري) دخل في حالة صحية حرجة، وهو يقبع في قسم العناية المكثفة في مستشفى سوروكا، جنوب فلسطين المحتلة.
وأفادت المؤسسة بأن علان يعاني ضعفاً شديداً ولا يتحدث إلا بصعوبة بالغة، كما لا يستطيع فتح عينيه لكنه يرفض تناول المدعمات والفيتامينات ويرفض إجراء الفحوص الطبية، بل يتقيأ الماء الذي يشربه، فيما يواصل الاحتلال تقييد إحدى قدميه وإحدى يديه بالسرير من دون مراعاة لحالته الصحية. وأشارت «مهجة القدس» إلى أن أطباء سوروكا لا يزالون يتحفظون عن الحديث مع الأسير عن موضوع التغذية القسرية، لكن مصادر إسرائيلية ذكرت أنه جرى نقل علان إلى مستشفى في عسقلان قبلت إدارته تنفيذ التغذية القسرية بحقه. وكانت والدة الأسير علان قد تمكنت من زيارته أول من أمس، ووجهت مناشدة لمؤسسات حقوق الإنسان بضرورة التدخل الفوري لإنقاذ حياة نجلها، لكن قضيته لم تشهد تفاعلاً شعبياً بعد.
في غضون ذلك، توجهت «مهجة القدس» برسالة عاجلة إلى المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، الشيخ محمد أحمد حسين، بسؤال عن الحكم الشرعي في مقاومة الأسرى المضربين للتغذية القسرية باعتبار أنه يمكن في بعض الأحيان أن تؤدي إلى استشهاد بعضهم. وقد رد حسين بأن «إضراب الأسرى ومقاومتهم للتغذية القسرية إذا تعين كوسيلة لا بد منها للحصول على الحقوق المشروعة بعد استنفاد الوسائل الممكنة، وكوسيلة لرفع الظلم والاضطهاد وكان يرجى تأثيره في العدو وفضح ممارساته... أصبح مشرعاً إلى أن يحقق الأسرى مطالبهم». وأضاف: «مقاومة الأسرى التغذية القسرية كأسلوب ضغط على السجان يجوز إذا لم يجدوا وسيلة غيرها لتحصيل حقوقهم الإنسانية المشروعة. وبناءً عليه، فإن من يقضي نحبه من الأسرى وهو يقاوم بالإضراب عن الطعام لنيل حريته يعدّ من الشهداء، والله تعالى أعلم».
في سياق متصل، أكد الأمين العام لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، الأسير أحمد سعدات، أمس، أن دائرة الإضراب المفتوح عن الطعام تتسع في السجون، مشيراً إلى أن عدّة أقسام تستعد للانضمام إلى المضربين في سجن نفحة، ولافتاً في الوقت نفسه إلى أن عدد المضربين تجاوز 148 أسيراً. وفي وقت لاحق، أفادت مصادر محلية بأن إدارة السجون مددت منع سعدات من زيارة أهله ثلاثة أشهر إضافية وتنصلت من وعودها السابقة بهذا الشأن، وجراء ذلك قد يضرب أسرى «الجبهة الشعبية» غداً وبعد غد (الثلاثاء والأربعاء).