قرّرت محكمة التمييز البحرينية، أمس، إعادة محاكمة أبرز قادة المعارضة المتهمين بتأسيس مجموعة بغرض قلب النظام، تضم 21 معارضاً، وذلك في ظل تدهور صحة أحد أفرادها، الناشط الحقوقي عبد الهادي خواجة، المضرب عن الطعام منذ 82 يوماً. وبحسب وكالة أنباء البحرين، قررت محكمة التمييز «قبول الطعن المقدم من المدانين في قضية تأسيس جماعة إرهابية بغرض قلب نظام الحكم، وتضم 21 متهماً، وإحالتها على محكمة الاستئناف العليا، وحكمت كذلك بتعديل الحكم الصادر بحق المتهم يوسف محمد الصميخ المحكوم عليه بالحبس مدة سنتين إلى الحبس 6 أشهر».

وأضافت الوكالة: «إن الحكم الصادر بنقض الحكم لا تترتب عليه براءة المتهم أو احتمالية ترجيح الحكم بالبراءة، ولكن يجوز لمحكمة الإعادة بعد تصحيح الخطأ القانوني الذي وقع فيه الحكم الأول أن تقضي بذات العقوبة السابق القضاء بها أو تخفيفها أو ببراءة المتهم». وتابعت: «على ذلك فإن محكمة الإعادة تعيد نظر إجراءات المحاكمة مرة أخرى من جديد».
وقضية «قلب النظام» تشمل 21 متهماً من أبرز قادة المعارضة، بينهم 7 يحاكمون غيابياً، وبذلك تكون الطعون المقدّمة، التي قبلت بها المحكمة تخصّ 14 متهماً من بين الـ21. وحكمت محكمة السلامة الوطنية بالسجن المؤبد على 8 متهمين، وأحكاماً بالسجن 15 عاماً على 9، وحكمين بالسجن 5 سنوات على اثنين وسنتين على متهم واحد.
وعادة ما وجهت إلى هؤلاء المتهمين مثل هذه التهم، وسبق أن اعتقل بعضهم وحوكم، فيما ظلّ بعضهم الآخر في المنفى، كذلك سبق أن أُسقطت تهمة مماثلة عنهم بموجب عفو ملكي، وبينهم الأمين العام لحركة «حق»، الشيخ حسن مشيمع، الذي اعتقل بعد عودته بأيام إلى المملكة عقب الانتفاضة فور إصدار عفو ملكي بحقه، إضافة إلى الأمين العام لحركة «أحرار» البحرين، سعيد شهابي، وعبد الوهاب حسين وعبد الجليل مكي وعبد الجليل السنكيس وسعيد ميرزا وعبد الهادي الخواجة، المضرب عن الطعام منذ أكثر من 81 يوماً. ويقول الأطباء إن الخواجة، في حال نجاته، سيعاني من عاهات مستديمة بسبب تدهور صحته، وهؤلاء جميعاً محكومون بالمؤبد، إضافة إلى الأمين العام لحركة «وعد» اليسارية، إبراهيم شريف، الذي صدر بحقه حكم بالسجن خمس سنوات.
وقالت منظمات حقوقية إن عائلة الخواجة تمكنت من زيارته يوم الأحد الماضي وحالته سيئة جداً، وهو على فراش الموت. ونقلت عن عائلته أنه جرى تخديره وتكبيله إلى السرير وتغذيته بالقوة بواسطة أنبوب، وقال لعائلته إن الطبيب المشرف على ما جرى هو إبراهيم زويد.
وفي حديث مع «الأخبار»، قال محامي الشيخ مشيمع، محمد التاجر، إن هيئة محامي الدفاع لا تعرف حتى الحين ما هي الأسس والاعتبارات التي استندت إليها محكمة التمييز في إصدار قرارها بإعادة المحاكمة، مؤكّداً أنّ الحكم لا يعني بتاتاً إسقاط التهم عن المتهمين. وأوضح أن المحكمة نطقت بالحكم المفترض توقيعه أيضاً من قبل القضاة، على أن يتلقى المحامون فحواه في غضون 10 أو 15 يوماً، مشيراً إلى أنّ الجلسة المقبلة تحدّد بعد ذلك.
لكن التاجر أوضح أنّهم اطلعوا على رأي المكتب الفني الذي رُفع إلى محكمة التمييز، وقال إن هذا الرأي خلص إلى أنّ «التحالف من أجل الجمهورية» غير قائم، وأنّ جميع المتهمين لا ينتمون إليه، لذلك لا يمكن إدانتهم جميعاً بسبب مجموعة لا ينتمون إليها.
وكانت المحكمة قد وجّهت إلى المتهمين تهمة محاولة «قلب النظام» بناءً على تشكيل «التحالف من أجل الجمهورية» عقب انتفاضة 14 فبراير، الذي دعا إلى إسقاط الملكية وإقامة الجمهورية.
وأعرب المحامي في هيئة الدفاع عن المتهمين عن اقتناعه بأنّ هذه المحاكمة سياسية، وأن خروج المتهمين مرتبط بتسوية سياسية. وعن الحالة الصحية لمشيمع، الذي دارت أخيراً شكوك حول عودة مرض السرطان إليه بسبب الإهمال، قال إنه بعد تقديم بيان عن احتمال معاودة المرض الى مشيمع، جلبت السلطات أدوية بطائرة خاصة إليه من دبي، وعُرض على فريق من الأطباء بينهم طبيب يثقون به هو سيد شبر، وخلصوا إلى أن المرض لم يعاود إليه، لكن مشيمع طلب نسخة عن التقارير والصور لعرضها على طبيبه في بريطانيا؛ لأنه لا يثق برأي لجنة الحكومة بسبب حساسية القضية.
ومن بين المتهمين، سعيد الشهابي، الذي يعيش بالمنفى في لندن، وفي اتصال مع «الأخبار»، رفض اعتبار الحكم الصادر خطوة إيجابية، وقال إن «كل العالم والمنظمات الحقوقية الدولية طلبت من هذا النظام الخليفي أن يطلق سراح المعتقلين ورفض. كل يوم إضافي جديد من اعتقالهم هو جريمة. هؤلاء معتقلون سياسيون».
وقال إن القضاء في البحرين مسيس وغير مستقل «فهو الخصم والحكم». وأشار إلى أن الحكم يقع في إطار الفشل المطلق للسلطة. ورأى أن هناك معركة «كسر عظم»، ليس فقط بين المتشددين والسلطة، وانما أيضاً بين المعارضة المرخصة وفي مقدمتها «الوفاق» والسلطة.
وعن أفق الحل، قال إن هناك 5 أمور يجب أن تنتزع من أيدي السلطة: الجيش والشرطة والاستخبارات والقضاء والإعلام، ووضعها في أيدي الشعب، وبعدها يمكن الحديث عن تسوية.
وفي إطار الردود الدولية، رحّبت بريطانيا بقرار إعادة المحاكمة 21 أمام القضاء المدني. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية: «نرحّب بالقرار». وأضاف: «لا نزال قلقين للغاية بشأن سلامة الناشط عبد الهادي الخواجة جرّاء استمراره في الإضراب عن الطعام، ونحثّ السلطات البحرينية على إيجاد حل عاجل ورحيم لقضيته». وفي سياق متصل، قررت النيابة العامة، أمس، سجن كل من معصومة السيد وزينب السيد ومريم الخزاز سبعة أيام بتهم التجمهر والاعتداء على الشرطة، في وقت مثلت فيه الناشطة زينب الخواجة أمام المحكمة بتهمة التجمهر والسبّ والاعتداء على شرطيتين، وأجلت المحكمة القضية إلى جلسة 2 أيار المقبل.