عشرات القتلى في سوريا... والدابي يؤكّد «تصاعد العنف»

أكدت بعثة المراقبين العرب، أمس، تصاعد وتيرة العنف في سوريا «بشكل كبير»، في وقت سقط فيه عشرات القتلى والجرحى، بينهم 40 مدنياً. وفي تنامٍ لظاهرة خطف الأجانب، ارتفع عدد الإيرانيين المختطفين في سوريا إلى 18، بعد إعلان اختطاف 11 أمس. وفي ساعة متأخرة من ليل أمس، انعقدت جلسة مجلس الأمن التشاورية بشأن سوريا لإجراء مشاورات تتناول مشروع القرار الجديد الذي أعدته دول أوروبية وعربية، فيما أكدت روسيا أنها ستحبط أي محاولة في مجلس الأمن لدعوة الرئيس السوري إلى التنحي، وحذرت من أنها لن تسمح بإمرار أي قرار في مجلس الأمن يجيز التدخل العسكري، وقالت أيضاً إنها لن تؤيد بأثر رجعي عقوبات غربية وعربية فرضت بالفعل على سوريا
عشية وصول الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، ورئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني إلى الأمم المتحدة اليوم لبحث الملف السوري، قدّم الأوروبيون ودول عربية إلى مجلس الأمن مساء أمس مشروع قرار جديد بشأن سوريا، يستند إلى خطة التسوية التي أعدتها الجامعة العربية، وتطلب خصوصاً تنحي الرئيس بشار الأسد.
وأوضح المندوب الفرنسي جيرار ارو، قائلاً: «لقد قدمنا نصاً يستند إلى مطالب الجامعة العربية». وأضاف «نريد فقط تحويل مطالب الجامعة العربية الى مطالب لمجلس الأمن.. من أجل إرسال بعثة مراقبة، وكذلك في ما يتعلق بالحل السياسي».
اما مندوب روسيا فيتالي تشوركين، فقد عبّر عن «خيبة أمل كبيرة» تجاه مشروع القرار. وقال دبلوماسيون حضروا الاجتماع لوكالة «رويترز»، إن تشوركين أبلغ المجلس بأنه يختلف مع الجامعة العربية لمحاولتها «فرض حل خارجي» على الصراع في سوريا كما رفض فكرة فرض حظر للسلاح واستخدام القوة.
والنص الجديد الذي أعدته باريس ولندن وبرلين مع عدد من الدول العربية، وطرحه المغرب رسمياً على طاولة مجلس الأمن، لا يزال بحاجة الى أيام من المباحثات.
وينص مشروع القرار على أن المجلس «يدعم بقوة» خطة وضعتها الجامعة العربية نهاية الأسبوع الماضي، تتضمن بنداً يتعلق بنقل صلاحيات الى نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، تمهيداً لتنظيم انتخابات جديدة.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، كرّر موقف موسكو بعدم نيتها دعم أي مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو الأسد إلى التنحي. وحذّر من الضغط في اتجاه طرح مشروع القرار للتصويت قريباً. وقال: «سيكون ذلك محكوماً عليه بالفشل؛ لأننا عبّرنا عن رأينا بوضوح كما فعل شركاؤنا الصينيون».
في هذا السياق، دعا المجلس الوطني السوري، إلى «التحرك الفوري والجاد على مستوى مجلس الأمن لإصدار قرار دولي يدين جرائم النظام». وفي خطوة ستحمل دلالات كبيرة إذا ما تحققت، نقلت صحيفة «الرأي» الكويتية عن أحمد رمضان، العضو في المكتب التنفيذي للمجلس، أن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، أبلغ وفد المجلس الذي التقاه في القاهرة الأسبوع الماضي، «أن المملكة ستعترف بالمجلس الوطني السوري ممثلاً رسمياً للشعب السوري».
في هذا الوقت، تجددت أعمال العنف في حمص أمس بعد ظهور تقارير عن وقوع مذبحة طائفية. وقال نشطاء وسكان إن «رجال ميليشيا علوية قتلوا 14 من أفراد أسرة سُنية»، أول من أمس. وأضافوا أن «ثمانية أطفال تراوح أعمارهم بين ثمانية أشهر وتسع سنوات كانوا بين أفراد الأسرة التي قتلت في مبنى بحي كرم الزيتون المختلط في المدينة». وفي ردّ فعل على الحادثة، اقتحمت مجموعة من المعارضين السوريين، مبنى سفارة بلادهم في القاهرة. وحطّموا محتويات الغرف والسيارات الموجودة في مرأب المبنى.
وقتل العشرات في سوريا، أمس، بينهم ما لا يقل عن أربعين مدنياً، بحسب لجان التنسيق المحلية. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 12 من القتلى سقطوا في بلدة نوى في محافظة درعا. وأضاف أن قوات الأمن «عمدت إلى استخدام الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين»، الذين خرجوا في عدة مدن سورية تلبية لدعوة أطلقها ناشطون للتظاهر في «جمعة الدفاع عن النفس».
كذلك تصاعدت وتيرة الهجمات التي تستهدف قوات الأمن، حيث شهدت سوريا، أمس، عدة تفجيرات بعبوات ناسفة نفذتها مجموعات مسلّحة في مناطق متفرقة.
وقال مصدر أمني سوري إن انتحارياً فجّر سيارته المفخخة بحاجز لقوات حفظ النظام في مدينة بنّش في محافظ إدلب (شمال غرب)، ما أدى إلى مقتله وإصابة 4 عناصر من قوات حفظ النظام بجروح متفاوتة، بينهم مساعد أول. وأشار المصدر إلى «استشهاد طفل وإصابة 10 مدنيين آخرين بانفجار عبوة ناسفة في حيّ القاعة في منطقة الميدان في دمشق»، فيما أصيب عدد من المدنيين في قطنا بريف دمشق، بانفجار عبوتين ناسفتين. وأفاد بمقتل شخصين وإصابة عدد آخر جرّاء اشتباك مسلّح بين أفراد عشيرة العساسنة في حي المرجة في حلب. وقال إن 3 مدنيين و3 من عناصر حفظ النظام أصيبوا بانفجار عبوة ناسفة زرعتها «مجموعة إرهابية مسلحة» في شارع بغداد بمدينة البوكمال في دير الزور. وأشار المصدر الأمني إلى «استشهاد عنصر من قوات حفظ النظام بنيران مجموعة مسلحة أطلقت النار عليه بالقرب من المركز الثقافي في حي الميدان في حمص». وقال مصدر محلي في مدينة حمص إن «4 مدنيين قتلوا وأصيب أكثر من 20 بجروح، ليل أمس، بقذائف أطلقتها مجموعات مسلحة على بعض أحياء المدينة. وقصفت بنحو مكثف البساتين المحيطة بالبلدة وطاولت القذائف بعض منازل البلدة».
وتأكيداً لتزايد وتيرة العنف، أعلن رئيس بعثة المراقبين العرب في سوريا محمد الدابي أن معدلات العنف في سوريا «تصاعدت بنحو كبير» خلال الأيام الثلاثة الأخيرة.
وفي تطور لافت، ارتفعت أمس حصيلة المختطفين الإيرانيين في سوريا إلى 18، بعدما أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست أن مجموعة مجهولة خطفت أحد عشر من الحجاج الإيرانيين على طريق دمشق. كذلك خطف خمسة مهندسين في 20 كانون الأول في منطقة حمص. وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية عن خطف مهندسين آخرين توجها في 21 كانون الأول إلى المكان في محاولة للعثور على زملائهما. وأوضحت الوكالة أن المهندسين كانوا يعملون في مشروع بناء محطة كهرباء قرب حمص. وبعد تبني منظمة سورية تطلق على نفسها اسم «حركة مناهضة المد الشيعي في سوريا» أعمال الخطف في حمص، أعلنت كتيبة الفاروق التابعة لـ«الجيش السوري الحر»، في بيان، أنها تحتجز الإيرانيين السبعة، وقالت إنها ستفرج عن اثنين منهم بشرط إقرار المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي بوجود عناصر عسكريين إيرانيين في سوريا وسحبهم مباشرة من البلاد. بحسب ما جاء في البيان.
(الأخبار، سانا، رويترز، يو بي آي، أ ف ب)



من سيخلف غليون؟

بدأت في العاصمة الفرنسية الاستعدادات لانتخاب قيادة جديدة للمجلس الوطني السوري. وتنتهي ولاية الرئيس الحالي للمجلس برهان غليون في الخامس عشر من شباط، ويعاد انتخاب قيادة جديدة لمدة ثلاثة أشهر بموجب النظام الداخلي للمجلس.
وبرز برهان غليون، كشخص قادر على التوفيق بين الاتجاهات المتباينة للقوى التي يتألف منها المجلس، بين الإسلاميين والقوميين واليساريين والليبراليين والمستقلين، ويمثّل الإسلاميون القوة الأكبر وزناً داخل المجلس. وكان مقرراً أن يجري اختيار قيادة جديدة للمجلس في منتصف كانون الثاني الحالي، إلا أن تعثر التوافق أدى إلى تأجيل هذا الاستحقاق. وبالتزامن مع اقتراب هذا الاستحقاق، وصل إلى باريس كل من جورج صبرا وسهير الأتاسي، وهما من الوجوه البارزة في داخل سوريا لوقت طويل قبل مغادرتها أخيراً. وقد أعلن صبرا مرات عدة أنه مكلف من حزب الشعب السوري العمل في المجلس الوطني وترتيب أموره. ورغم أنه لم يعلن صراحة نيته الترشح لرئاسة المجلس، إلا أنه وجه انتقادات صريحة إلى طريقة أداء غليون. ويرى الباحث فابريس بالانش، الخبير في الشأن السوري، أن «قطر التي تدير مع تركيا دفة المجلس الوطني، هي من سيختار لرئاسة المجلس شخصية تظهر وحدة المعارضة».
(أ ف ب، رويترز)