يعكس القرار الإسرائيلي بالقيام بحملة إعلامية دبلوماسية دعماً للإدارة المصرية المؤقتة، المدعومة من قبل الجيش، جانباً من المخاوف الإسرائيلية من انتشار الفوضى في الساحة المصرية، ويشير الى التوجهات السياسية الإسرائيلية لجهة الموقف من الإبقاء على سلطة الجيش.
وبحسب مسؤول إسرائيلي رفيع، وفق ما نقلت عنه صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن السفراء الإسرائيليين في واشنطن ولندن وباريس وبرلين وبروكسل، وعواصم أخرى، سيجتمعون مع وزراء الخارجية في هذه الدول لمناقشة خيار دعم الجيش والحكم الحالي، مضيفاً إنه في الوقت الذي ستضغط فيه إسرائيل على الدبلوماسيين الأجانب فيها، تقول لهم إن «الجيش المصري هو الأمل الوحيد لمنع حدوث فوضى أخرى في القاهرة».
ورأى المسؤول الإسرائيلي أن الدول صاحبة النفوذ قد لا تحب ما ترى في مصر، ولكن السؤال الأساسي: ما هو البديل؟ مشيراً الى أن الإصرار على المبادئ الكبيرة سيفوت الأساس وهو إعادة مصر إلى الحياة الاعتيادية بأي ثمن، مؤكداً أن الخيارات هي إما الجيش أو الفوضى.
وتعقيباً على التقرير حول الحملة الدبلوماسية الإسرائيلية، نقلت تقارير إعلامية في تل أبيب، عن المستشار السياسي للرئيس المصري المؤقت، مصطفى حجازي، قوله إن متابعة إسرائيل للتطورات التي تشهدها الساحة المصرية، «أمر طبيعي باعتبارها دولة مجاورة في المنطقة وتريد أن تكون مطمئنة بأن لا تنزلق الأمور باتجاهها، وهو مصلحة كل المنطقة».
بدوره، رأى الباحث الإسرائيلي في الشؤون العربية، أيال زيسر، في مقالة له في صحيفة «إسرائيل اليوم»، أن الإخوان المسلمين أخطأوا في قراءة الخريطة السياسية، وبالأساس ارتكبوا خطيئة الغرور عندما ظنوا أن الله قد اختارهم فعلاً للحكم، فيما استفاقت المؤسسة العسكرية من الضربة التي تلقتها من سقوط مبارك. واعتبر أن الجيش المصري أوضح بعد اطاحة مرسي أنه ينتقل من دور الوسيط بين الأطراف، كما حصل بعد الثورة، الى دور الحاكم الفعلي، والأهم أنه لا يسعى الى محاورة الإخوان، بل الى ضربهم بقبضة حديدية وإعادتهم الى الوضع الذي كانوا عليه إبان عهد مبارك.
وعلى الرغم من المخاوف التي تسود في الغرب من نشوب حرب أهلية وفوضى في مصر، يرى زيسر أن الواقع يظهر أن الجيش المصري يبسط سيطرته على الدولة. وعلى عكس ما حصل في أعقاب اطاحة مبارك، فإن المبادرة اليوم بيد الجيش والأجهزة الأمنية التي تفرض هيبتها في أنحاء الدولة، فيما لا ينجح الإخوان المسلمون بالفعل في إخراج الملايين الى الشوارع.
غير أن صحيفة «هآرتس» رأت أن مصر تمر الآن في إحدى أزماتها السياسية الأكثر شدة منذ الثورة، وأن القلق الأساسي الآن هو من فقدان سيطرة قوات النظام، والانتقال الى معارك شوارع، ودخول الجهات الإرهابية الى المعركة وتفكك الجوهر المدني والسياسي في الدولة. ورأت أن الأزمة لا تزال في ذروتها، ولا يبدو حتى الآن وجود أي مخرج سياسي لها. وأضافت إن أسباب هذا الوضع الخطير تعود الى استيلاء الجيش على الحكم والعزل الفظ لمحمد مرسي عن الرئاسة اللذين أفرغا العملية الديموقراطية من المضمون وتسببا بالمواجهة العنيفة بين حركة الإخوان المسلمين والجيش والحركات الليبرالية.
واعتبرت الصحيفة أن ردود الأفعال الدولية تشير الى أن النظام العسكري سيحظى بمهلة إضافية، بل وربما بالدعم، إذا ما أثبت أن بإمكانه أن يسيطر على الأزمة، ثم الانتقال لاحقاً الى المسار السياسي. وشددت على أنّ لإسرائيل مصلحة أمنية صرفة في استقرار النظام المصري وفي الحفاظ على العلاقة التي تطورت مع قيادة الجيش المصري. لكن ما ينبغي على اسرائيل هو أن تتمنى لمصر أن تنجح في الخروج من الأزمة الحالية، وأن تراقب بقلق ما يجري فيها، ولكن أن تكبح الرغبة في التدخل.