القاهرة ــ استدعى الحلّ الأمني بالتعامل مع اعتصامات أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي مواقف مندّدة أو رافضة للخيار الدموي، وفي ذلك خطوة الهدف منها رفض تحمل مسؤولية نتائج المذابح التي وقعت، وتداعياتها. ومثلت استقالة مستشار الرئيس محمد البرادعي ضربةً قوية للادارة الانتقالية التي سارع بعض حلفائها الى انتقاد خطوته. كذلك تمايز موقف الأزهر وحزب «النور» والإسلاميين عبدالمنعم أبو الفتوح وسليم العوا.
وجاء في نص استقالة البرادعي أن «النسيج المجتمعي مهدد بالتمزق لأن العنف لا يولد إلا العنف». وأكد أنه كان «هناك بدائل سلمية لفض هذا الاشتباك المجتمعي، وكانت هناك حلول مطروحة ومقبولة لبدايات تقودنا إلى التوافق الوطني، ولكن الأمور سارت إلى ما سارت إليه. ومن واقع التجارب المماثلة فإن المصالحة ستأتي في النهاية ولكن بعد تكبدنا ثمناً غالياً كان من الممكن تجنّبه. لقد أصبح من الصعب عليّ أن أستمر في حمل مسؤولية قرارات لا أتفق معها وأخشى عواقبها ولا أستطيع تحمل مسؤولية قطرة واحدة من الدماء أمام الله ثم أمام ضميري ومواطني خاصة، مع إيماني بأنه كان يمكن تجنب إراقتها». وأكد «للأسف، فإن المستفيدين مما حدث اليوم هم دعاة العنف والإرهاب والجماعات الأشد تطرفاً، وستذكرون ما أقول لكم وأفوّض أمري إلى الله. وقى الله أرض الكنانة وشعبها العظيم وجيشها الباسل».
شيخ الأزهر، الإمام الأكبر أحمد الطيب، حاول أن يتملّص من المسؤولية، عبر نفيه علمه بقيام وزارة الداخلية بفض اعتصامي «رابعة العدوية» و«النهضة» إلا من خلال وسائل الإعلام، مجدداً موقفه الرافض للعنف وإراقة الدماء، داعياً كل الأطراف إلى «تغليب المصلحة الوطنية».
وقال في بيان إنّه «يعرب عن أسفه لسقوط ضحايا، وإنه إبراءً للذمة لم يكن الأزهر يعلم بأمر فض الاعتصام إلا من خلال وسائل الإعلام»، مضيفاً أنّه «يطالب الجميع بعدم إقحام الأزهر في الأحداث السياسية الجارية».
وحذر من «استخدام العنف وإراقة الدماء»، وأكد أنه «لا يزال على موقفه من أن استخدام العنف لا يمكن أن يكون بديلاً من الخيارات السياسية، وأن الحوار الجاد هو الحل الأمثل».
المرشح السابق للانتخابات الرئاسية محمد سليم العوا، اتهم كلاً من الادارة الانتقالية والحكومة والرئيس المؤقت بتعطيل المبادرة التي قدمها لحل الأزمة السياسية، قائلًا «مساء الأول من أمس اتصل بي بعض الإخوة، وقالوا إنهم على اتصال مع قائد القوات الجوية ويتم عقد اجتماع اليوم، ولكن الآن توقفت أي اتصالات، وحاولنا خلال الشهر الماضي عقد اجتماعات والوصول لحل سلمي».
وطالب العوا وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي بأن يخرج للشعب المصري ويعتذر عما فعلته قوات الأمن، ويدعوها لوقف هذه العمليات والبدء بالمفاوضات، معتبراً أن سكوته عنها مسؤولية كبرى في المقام الأول ويعقبه في تحملها وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم ورئيس الوزراء حازم الببلاوي.
بدوره، أجرى رئيس حزب «مصر القوية»، عبد المنعم أبوالفتوح، اتصالات بالمسؤولين الحاليين لمطالبتهم بوقف إراقة الدماء. وشدّد في بيان على حرمة الدم، مضيفاً أنّ الحل الأمني واستخدام العنف المفرط لن يؤديا إلا إلى مزيد من العنف ويجرّان البلد إلى حالة اقتتال أهلي. كذلك اتصل بشيخ الأزهر، وطالبه باتخاذ دور يحفظ للأزهر دوره وتاريخه. وحمل الرئيس المؤقت عدلي منصور مسؤولية ما يحدث لقبوله القرارات العسكرية، وعدم تقديم استقالته. وأكد أن ما حدث لفض الاعتصام السلمي هو مجزرة لا بد من محاكمة المسؤولن عنها.
وفي بيان باهت مشترك لحزب «النور» والدعوة السلفية عقب اجتماعهما، حمّلا الحكومة المسؤولية عن «هذه الدماء والأنفس المحرمة»، مطالبين بضرورة «إنهاء هذا الوضع القائم الذي يهدد بانقسام المجتمع بحل آخر غير سفك الدماء، أو تقديم استقالتهم، إلى حين يتسنى لحكومة أخرى أن تتحمل هذه المسؤولية التي تحافظ على وحدة البلاد والدولة وبقائها وتحافظ على حرمة النفوس».
ودعوا «العقلاء من جميع الاتجاهات إلى الوقوف معنا في إحياء النفوس وإحياء المجتمع وإحياء الدولة بالجلوس معاً من أجل الوصول إلى حل سلمي للأزمة ينسى فيه الجميع مصلحته الشخصية والحزبية ويعظم مصلحة الدين والوطن والشعب». وطالبا «أبناء التيار الإسلامي بأن يثبتوا للمجتمع أنهم جزء منه يحملون همّه ويقدمون مصلحته ويريدون رفعته ويحافظون على وحدته وأن يحذروا من الخطاب التكفيري العنيف الذي استعمله البعض».



.... وأحزاب تبارك القمع

كانت مواقف التيارات السياسية الفردية مشابهة لموقف «جبهة الإنقاذ الوطني»، حيث رأى التيار الشعبي الذي يترأسه حمدين صباحي أن «اللحظة الراهنة هي لحظة للفرز بين من ينتصرون للإرادة الشعبية والدولة الوطنية، ومن يسعون لفرض مشروع إرهابي على الشعب المصري». وأدان «الإرهاب المنظم» الذي تمارسه جماعة الاخوان وحملات التحريض على الفوضى والعنف.
وأكد القيادي في التيار، عبد العزيز الحسيني، لـ«الأخبار»، أنه يؤكد مساندته للدولة في حفظ الأمن والنظام واتخاذ كافة الاجراءات القانونيه لحماية الأرواح والممتلكات، مطالباً المواطنين بتشكيل لجان شعبية في الاحياء السكنية لحماية السكان والممتلكات.
بدوره، أكد حزب «الوفد» أن فض الاعتصامات كان أمراً واجباً فوّضهم فيه الشعب يوم «26 يوليو»، موضحاً أن الغرور والعناد والتشبث بالسلطة والاستقواء بالخارج دفعت قادة الجماعة وحلفاءهم إلى حشد الأبرياء من مؤيديهم وشحنهم فكرياً ومعنوياً بما يخالف الواقع. كذلك أعلنت تنسيقية «30 يوينو» رفضها أي خروج آمن لقيادات الاخوان المسلمين والمتحالفين معهم من الجبهة والدعوة السلفية وحزب النور والجماعات الارهابية والأحزاب التي حرضت قيادتها على ممارسة العنف والإرهاب وترويع الشعب.