غزّة | لأنفاق غزة تصنيفات مختلفة، منها ما هو مخصص لتهريب البضائع، التي قد تشمل السيارات، ومنها ما هو مختص بتهريب الأفراد إلى القطاع المحاصر، واليوم يمكن إضافة صنف جديد إلى هذه الأنفاق خاص بـ«الدليفري»، بعدما ابتكرت إحدى الشركات وسيلة لإدخال وجبات المطاعم العالمية إلى القطاع، ولكن بأسعار مضاعفة. البداية تبدو مع وجبات «كنتاكي»، التي بدأ الغزيّون بتذوقها، وربما تتوسع لتشمل أصنافاً أخرى. الغزيون تلقفوا الخبر بسعادة، إذ إن الإقبال على الطلبات كان مقبولاً بالنسبة إلى قطاع يعاني من حصار خانق وأزمة اقتصادية. خليل الوزير (23 عاماً)، على سبيل المثال، من مدينة غزة، لم يتردّد لبرهة في أن يطلب وجبة «كنتاكي» ساخنة، بعدما أعلنت شركة لتقديم خدمات التوصيل للمنازل عن إمكانية توفير وجبات أشهر المطاعم الأميركية لسكان قطاع غزّة عبر تهريبها من أحد فروع المطعم في مصر، تحديداً في العريش، عبر الأنفاق الممتدة بين مصر
والقطاع.
الوجبة تصل بعد رحلة 4 ساعات داخل الأنفاق، وما يقارب 35 كيلومتراً، وهي تأتي ساخنة وجاهزة، من المصنّع الى المستهلك مباشرة، لكن طبعاً ليست بالسعر نفسه، فالعناء الذي تتكبّده الرحلة له ثمنه المادي. وفيما تُباع الوجبة الواحدة في مصر بما يعادل العشر دولارات، فانها ما أن تصل الى غزّة حتى يصبح سعرها ثلاثة أضعاف؛ سعرٌ عند بعض المستهلكين الغزّيين يستأهل تذوق «الكنتاكي»، بما أنهم لا يعرفونها الا من خلال الصور، ولا يتذوقونها الا في السفر.
يقول الشاب الغزّاوي خليل لـ«الأخبار»، إنّه لم يأكل تلك الوجبة الشهية بالنسبة له منذ أكثر من عام، حين كان طالباً في مصر، مضيفاً أنه «لم يفكر مرّتين قبل أن يتناول هاتفه النقال ويتصل بشركة اليمامة للخدمات اللوجستية»، التي أعلنت عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» (اليمامة دليفري للخدمات اللوجستية) عن إمكانية توفير وجبات «كنتاكي» لسكان القطاع المحاصر.
ويبلغ سعر الوجبة العائلية لـ«كنتاكي» في مصر نحو 80 جنيهاً أو ما يعادل 10 دولارات، بينما يبلغ سعرها في غزّة نحو مئة شيكل أو ما يعادل 30 دولاراً أميركياً. وبالرغم من هذا الارتفاع الملحوظ في السعر، الا أن الوزير لا يزال يرغب في طلب الوجبات حتى لو تضاعف سعرها أربع مرات.
فكرة إدخال الوجبات الى قطاع غزة بدأت عن طريق الصدفة. يقول المدير المالي لشركة اليمامة للخدمات التوصيلية في غزّة، محمد المدني، لـ«الأخبار»، إن الموظفين في الشركة كانوا قد قرّروا طلب وجبات «كنتاكي» من مطعم «كنتاكي» في العريش الذي يبعد نحو 35 كيلومتراً عن حدود قطاع غزّة، «وقاموا بالفعل بذلك وساعدهم أحد اصدقائهم في العريش على تسلم الوجبات وتوصيلها إلى منطقة الأنفاق وادخالها عن طريق أحد الأنفاق الممتدة بين مصر وغزّة».
وعلى الجانب الآخر، كان أحد موظفي شركة «اليمامة»، ينتظر لتسلم الوجبات وإيصالها الى الشركة في مدينة غزة. ويتابع المدني، إنه «بينما كان يتلقى اتصالات هاتفية من زبائن يرغبون في الحصول على وجبات «كنتاكي»، فإن الفكرة لم تكن سيئة على الإطلاق. وبعدما تمت المهمة الأولى بنجاح في غضون 4 ساعات، قررنا أن نوفر تلك الخدمة لزبائننا».
ويضيف أن الفكرة لاقت رواجاً كبيراً، وخصوصاً بين الشباب الذين اعتادوا على السفر للخارج وتناول وجبات مشابهة في مطاعم عالمية. وعن الأسعار، يقول إنها مرتفعة نوعاً ما وذلك بسبب الرسوم التي تدفع للمواصلات من مصر إلى غزة، بالاضافة الى الرسوم التي تدفع لصاحب النفق الذي تدخل الوجبات من خلاله.