أثار «نائب التطبيع»، توفيق عكاشة، غضب عدد من النواب المصريين خلال حضوره جلسة البرلمان يوم أمس، بسبب ما رسّخه من سهولة التطبيع بين المواطن المصري والعدو الإسرائيلي بعد لقائه السفير الإسرائيلي لدى القاهرة، وإعلان ذلك دون أدنى إحساس بخطأ ما يفعله. لم يحتمل أقدم برلماني مصري، كمال أحمد، أن يرى عكاشة مترجّلاً بكل قوة داخل قاعة المجلس وهو يمر بنظرة تحوي استعلاءً وفخراً، ما دفع أحمد إلى ضربه بحذائه.
وكان عكاشة قد وصل البرلمان بصحبة عدد من موظفي قناته الفضائية، الذين حملوه على الأعناق، مردّدين هتافات «بالروح بالدم نفديك يا عكاشة».
يقول أحمد لـ«الأخبار» ــ عقب الواقعة التي اضُطر فيها رئيس البرلمان إلى رفع الجلسة إثرها ــ إن ما فعله مع عكاشة يعبّر عن شعوره وشعور المصريين. وأضاف: «هذا الحذاء ليس على رأس عكاشة فحسب، بل فوق الكنيست والسفير الصهيوني، فمصر لن تنحني أبداً».
لعل هذه الحادثة أخذت الحيّز الأكبر من الحديث أمس، ولكن الأهم أن النائب المطبّع هو في الأصل «دكتور مزيف». تقول مصادر في أمانة مجلس النواب إن «مكتب رئيس المجلس، علي عبد العال، تلقّى ملفاً كاملاً يحتوي على أوراق رسمية تهدّد عضوية توفيق عكاشة، وتثبت أن النائب أدرج في خانة المؤهلات الدراسية حصوله على درجة الدكتوراه في إحدى الجامعات التي بحثت الأمانة عنها ولكنها لم تجدها في العالم بأكمله».
الأمر قد يكون تمهيداً لبداية تطبيع رسمي وشعبي بشكل ما

ومباشرة، جرت مناقشة هذا الأمر ــ رغم أنه لم يكن مدرجاً على جدول أعمال الجلسة ــ بناءً على ما وصل عبد العال من مذكرتين يشكو فيهما عدد من الأعضاء لقاء عكاشة والسفير، إضافة إلى عدد من البيانات العاجلة التي تطالب بالتحقيق وبإسقاط العضوية عن صاحب قناة «الفراعين»، كما قال عبد العال عند افتتاحه الجلسة التي تغيّب عنها عكاشة.
ويبدو من تحركات البرلمان أنه يخشى أن يتخذ قراراً معادياً لسياسات الدولة التي تلتزم بمعاهدة «كامب ديفيد» وتستضيف بعثة في السفارة الإسرائيلية، ولديها بعثة مثيلة في فلسطين المحتلة، وهو ما أكده عبد العال بحرصه على إلقاء كلمة تؤكد «ضرورة مراعاة العلاقات الدبلوماسية بين الدول وعدم التعرّض لها».
وفي الوقت الذي قبلت فيه لجنة التحقيق الأولى مع عكاشة اعتذاره عمّا ارتكبه من مخالفات وإهانة بحق رئيس المجلس، أكدت مصادر أن «واقعة التطبيع لن تمر مرور الكرام، وستستخدم تصريحات عكاشة الإعلامية ضده»، خاصة اعترافه بأنه ناقش قضايا تمسّ الأمن القومي، مثل سدّ النهضة، ومطالبته بتدخل إسرائيلي لحلها مقابل وعود لا يملكها.
وخلال جلسة أمس، كان النائب مصطفى بكري (على عداوة مع عكاشة) أول المتحدثين، وطالب طبقاً للمادة 110 من الدستور التي تتحدث عن فقدان الثقة، إضافة إلى المادة ٣٧٧ من اللائحة، بتحويل عكاشة إلى لجنة خاصة للتحقيق. وقال بكري إن في حوزته ما يؤكد إخلال عكاشة بواجبات العضوية، ومنها اتهامه الشعب المصري بأن لديه انفصاماً في الشخصية لكونه «شعباً يرفض التطبيع».
أما النائب محمود بدر، وهو مؤسّس «حملة تمرّد»، فإنه يقود حملة ضد عكاشة. وقال أمس: «نائب التطبيع الزميل توفيق عكاشة أهان الدستور المصري، وقام بالعدوان على أهم مبادئه، وهو الفصل بين السلطات»، مضيفاً: «لا يحق أن يطلب من أيّ دولة التدخل في الشأن الأمني المصري، وهو ما يعدّ تدخلاً في عمل من أعمال السيادة».
كذلك صدرت مواقف من نواب آخرين، كأسامة شرشر (عن دائرة منوف) الذي رفض إسقاط العضوية عن عكاشة، لكنه اقترح عرض الأخير على مجموعة من الأطباء النفسيين. وفيما حاول بعض النواب استغلال واقعة ضرب عكاشة بالحذاء وطلب تحويل كمال أحمد إلى التحقيق، قال النائب محمد عبد الغني لـ«الأخبار» إنه «مع تقديري لسلوكيات المجلس، فما قام به عكاشة يستحق جزمتين مش جزمة».
أما رئيس اللجنة الإعلامية في حزب «الوفد»، ياسر حسان، فقال لـ«الأخبار» إن زيارة السفير الإسرائيلي لبيت عكاشة «ليست عشوائية»، بل تمت «بمعرفة الأمن ووزارتي خارجية مصر وإسرائيل»، مشيراً إلى أن الأمر قد يكون تمهيداً لبداية تطبيع رسمي وشعبي بشكل ما»، وهو ما يتطابق مع الإشارات التي أصدرتها وسائل إعلام إسرائيلية ناطقة بالعربية، حينما قالت إن هذا اللقاء ربما يمهّد للقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأن ما جرى هو ترك مساحة لتجربة «بالون اختبار» لردود الأفعال.
حسان قال أيضاً إن عكاشة «لا يتحرك اعتباطاً، بل يدرس كل موافقه وتحركاته»، متوقعاً أن تشهد الأيام المقبلة تطورات مختلفة في ما يخص العلاقة بين مصر وإسرائيل.
لكن أكمل قرطام، وهو رئيس حزب «المحافظين»، رمى الكرة في ملعب المجلس واللائحة، قائلاً إن ما يحكم قانونية الأمر وفصل عكاشة هو لجنة التحقيق التي حوّل إليها، فيما قال النائب خالد يوسف، الذي يؤسس ائتلاف «25 ـ30»، إنه ضد ما فعله عكاشة من تطبيع، ومع فصله ورفع الحصانة عنه وفق نصوص اللائحة التي سبق أن تطرق إليها مصطفى بكري في الجلسة.