غزة | في الوقت الذي لم تنفع فيه الخيام و«كرافانات» الحديد، يحاول بعض من تضرّرت منازلهم، نتيجة الحرب الأخيرة في غزة، احتواء أزمتهم وإيجاد الحلول للهرب من الواقع المأساوي الذي كشف الشتاء الستار عنه. لم يصمد الخياران الأولان أمام الرياح والأمطار، ما دفع أحد المواطنين إلى العمل على فكرة إنشاء منازل خشبيّة عوضاً عن «الكرافانات».
مع ذلك، ظلت إقامة المنازل الخشبية محاولات فرديّة من أصحاب المنازل المتضرّرة، في ظلّ تأخّر عملية إعادة الإعمار التي أمل النازحون أن تبدأ أعمالها بعد مؤتمر القاهرة مؤخرا. أيضا هم يعانون مشكلة في أسعار الأخشاب التي تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في القطاع جرّاء الإغلاق المتكرر للمعابر، فيما كان البديل الخشب المستعمل.
«الأخبار» زارت تجمعاً صغيرا لعدة منازل خشبية أقامها أصحاب بعض البيوت المدمرة شمالي القطاع، وأطلقوا عليه اسم «حيّ اسطنبول» لوصفهم منازلهم الجديدة بأنها تشبه البيوت التركية. الخمسيني أبو جميل البراوي أحد هؤلاء، ويتحدث عن فكرة بناء تلك المنازل قائلاً: «حاولنا توفير ما أمكن من الأخشاب المستعملة لأنه ما من أخشاب جديدة، وبنينا المنازل الخشبية كما كانت خريطة البيت المدمّر، لكن بمساحة أصغر لتقليص التكاليف»، مشيرا إلى أنهم بطنوا الخشب بالأقمشة العازلة، ولكن ذلك لا يمنع أن يظل البيت حارّا في الصيف، وباردا في الشتاء.
وذكر البراوي أن تكلفة المنزل الخشبي الصغير لا تزيد عن 1500 دولار أميركي، بمعنى أنه أقل تكلفة من البناء بالإسمنت والحديد المفقودين، داعيا من يعيش في خيمة إلى تدبر أموره وإقامة منازل شبيهة، «لكنها تبقى غير صحية لأن الخشب غير نظيف».
أما المهندس هاني فرج الله، فيؤيد فكرة إقامة البيوت الخشبية بصورة مؤقتة، فهناك «عدة دول تعتمد على هذه البيوت بصورة أساسية، لكن مع اختلاف نوعية الأخشاب ونسبة توافرها». ويستدرك فرج الله بالقول لـ«الأخبار»، إنه في غزة «تنقصنا الخبرات في هذا المجال، لأن الفكرة جديدة وهي مجرّد حلّ مؤقت لأزمة كبيرة، ولا ننسى أن هذه البيوت يمكن أن تحترق عند أقل خلل داخلها».
وكان مدير العمليات في وكالة الغوث «الأونروا»، روبرت تيرنر، قد أعلن أنّ تعويض أصحاب المنازل المدمّرة، ودفع بدلات إيجار لهم، سيجريان خلال الشهرين الجاري والمقبل، «حتى توفير الأموال اللازمة لذلك»، مؤكدا أن بدء دفع التعويضات لأصحاب المنازل المدمرة جزئياً سيكون قبل نهاية العام، فيما يجري العمل لتوفير بدل إيجار لأصحاب البيوت المدمرة كليا.
وقال تيرنر، في حديث صحافي، إن إعادة الإعمار تحتاج إلى وقت طويل، ويجب «البدء بإزالة الركام ثم تجهيز التصاميم وتراخيص المنازل»، مبيناً أن «إعادة الإعمار ستكون وفقا لمعادلة عدد الأفراد على عدد الأمتار بالأرض، لا كما كانت البيوت سابقا، وهذا يتيح إعطاء العائلات منازل مناسبة لها». واستدرك أخيرا: «إذا سارت الخطة كما هو مقرر فإن الإعمار سينتهي في غضون ثلاث سنوات».