يبدو أن إمارة قطر تواصل انتهاج مسار العلاقات الشائكة مع الجماعات المتشددة في الشرق الأوسط، فيما يظهر أن إلقاء الضوء المكثف على ذلك بات يشمل في طياته محاولات للحد من نفوذ الدوحة على تلك الجماعات لاستبداله ربما بسطوة خليجية أخرى، وذلك ضمن خطط «التحالف الدولي» البعيدة المدى.
وتوفر قطر ملاذاً لجماعات مناهضة للغرب مثل «حركة طالبان» الأفغانية وحركة «حماس»، و«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» الجزائرية. ويرتاد أعضاء تلك الجماعات مراكز التسوق في الدوحة ويسيرون وسط المغتربين الغربيين، كما يصلّون في المساجد مع القطريين والوافدين.ويقول دبلوماسيون غربيون إنهم شاهدوا سيارات عليها شعار «الدولة الإسلامية» تتجول في منطقة ويست باي، وهي واحدة من مناطق قطر الفاخرة، حيث يعيش معظم المغتربين ويعملون. وقال دبلوماسي شاهد الشعار «بالطبع شعرنا بالقلق... لكننا أبلغنا أنهم يخضعون لمراقبة مشددة من السلطات وأنه لا يوجد ما يدعو إلى القلق». ويثير اتساع نطاق علاقات قطر بالجماعات الإسلامية الشكوك في العديد من الدول الخليجية الأخرى.
شاهد دبلوماسيون سيارات عليها شعار «داعش» في الدوحة
ويقول دبلوماسي عربي كبير في الدوحة لوكالة «رويترز»: «الإسلاميون هنا يستغلون الدوحة كمنصة إطلاق لحملاتهم الدعائية والاتصالات والدعم اللوجستي، ولهذا تأثير مباشر على أمن دول أخرى».
ويعتبر منتقدون لقطر أن الدوحة تواصل دعم المتشددين الإسلاميين في ليبيا ومناطق أخرى وتدفع فدى للمتشددين للإفراج عن رهائن، ما يساعد في إثراءهم. والمثال الواضح على ذلك هو علاقة قطر بـ«جبهة النصرة». ومثلاً، يقول مصدر أمني مقرب من الحكومة القطرية إن قطر كانت أقل استعداداً من دول خليجية أخرى للمشاركة في حملة العدوان على شمال سوريا، ويرجع ذلك في جانب منه إلى حرصها على تفادي استهداف مواقع لـ«جبهة النصرة».
ويقول دبلوماسيون ومحللون إن هذا يظهر أمرين؛ الأول هو أن قرار قطر الانضمام إلى «الأعمال القتالية» كان رداً براغماتياً على ضغوط تعرضت لها من دول الخليج. ويقول الدبلوماسيون إن الأمر الثاني هو أنّ تكتم قطر بشأن الدور الذي تلعبه يشير إلى حرصها على الاحتفاظ بنفوذها وسط الإسلاميين، التي ترى أن المستقبل لها على الأمد البعيد.
وأثار الملك السعودي، عبد الله، مسألة تمويل المتشددين عندما توجه الأمير تميم للقائه في جدة في وقت سابق من الشهر الماضي، في مسعى لرأب الصدع في العلاقات. وقال مصدر كبير مقيم في جدة إن الملك تساءل عن أساليب قطر في تحرير الرهائن، وطالب بمزيد من الرقابة على شخصيات في الدوحة تموّل جماعات «إرهابية».
ويقول دبلوماسيون ومحللون إن النهج البراغماتي الذي تبنّته قطر يعزى إلى حاكمها الجديد الشيخ تميم، فيما لم يتضح بعد إلى أي مدى يبدو تميم مستعداً لتقليص العلاقات مع الإٍسلاميين. ويرى مستشار حكومي قطري أن «الأمير الجديد شخص عملي. هو لا يريد مشاكل... في بعض الأحيان ينبغي عليك التزام الهدوء لبعض الوقت لتعود أكثر قوة».
(الأخبار، رويترز)