رام الله | يبدو أن العبوات الناسفة التي باتت طاردة لقوات الاحتلال الإسرائيلي من مخيمات الضفة الغربية، حيث يكثف العدوّ عمليات الاغتيال من الجو، ستبقى مهيّأة للانفجار في انتظار أيّ اقتحام قادم. ولم يمضِ يوم على اغتيال القائد في "كتيبة طولكرم"، سعيد الجابر، في مخيّم نور شمس، حتى نفّذت المقاومة ردّها، وذلك عن طريق تفجير عبوات ناسفة بآليات الاحتلال. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، أمس، بمقتل جندي وإصابة آخرين خلال اشتباكات مع مقاومين في المخيّم، ترافقت مع تفجير عبوات ناسفة. ووفق مصادر إسرائيلية، فإن الجندي قتل بانفجار إحدى تلك العبوات، وهو ما يدلّ على فاعلية هذا السلاح في مواجهة الآليات المصفّحة. يأتي ذلك فيما باتت المقاومة في الضفة تؤرّق قادة العدوّ، وخاصة في ظلّ التطوّر الكبير الحاصل في تصنيع العبوات الناسفة والألغام، وفق ما يظهره الارتفاع الكبير في حصيلة القتلى والجرحى من الجنود الإسرائيليين، والتي بلغت أربعة قتلى في غضون أسبوعين فقط. وشهد مخيم نور شمس، بعد ساعات من اغتيال الجابر بقصف نفّذته طائرة حربية واستهدف منزلاً في المخيم، عملية عسكرية واسعة استمرّت على مدى ساعات، دفع خلالها جيش الاحتلال بعشرات الآليات العسكرية المعزّزة بجرافات. وانسحب الجيش بعد اشتباكات عنيفة مع المقاومة، التي نجحت في تفجير العديد من العبوات الناسفة وحقول الألغام بقوات العدو، ما تسبّب بإعطاب آليات عدّة. في المقابل، تسبّبت العملية العسكرية بدمار هائل في المخيم، بعدما دمّرت الجرافات العسكرية البنية التحتية من شبكات مياه وكهرباء واتصالات، وكذلك المحال التجارية، وجرّفت الشوارع والطرق.
وقد بدأت العملية العسكرية، فجر الاثنين، باقتحام مدينة طولكرم، وفرض حصار على مداخل مخيم نور شمس، ونشر قناصة على سطوح مبانٍ سكنية، في الوقت الذي بدأت فيه جرافات الاحتلال "عملها" في منطقة دوار الشهيد سيف أبو لبدة وعلى طول الشارع المحاذي للمخيم، فضلاً عن تخريبها وتجريفها شوارع رئيسيّة في طولكرم. ووثّق مواطنون، عبر كاميرات هواتفهم، مداهمة جنود الاحتلال عدداً من المنازل والبنايات المرتفعة في محيط "نور شمس"، وعمليات التجريف الواسعة، فيما فجّرت قوات الاحتلال منزلاً يعود للشقيقين محمد ومحمود الزنديق، ما أدى إلى اشتعال النيران في داخله وتضرُّر المنازل المجاورة له، في ظل منع طواقم الدفاع المدني من الوصول إليه.
بالتوازي مع ذلك، أعلنت "كتائب شهداء الأقصى" أن مقاتليها يخوضون اشتباكات مسلّحة عنيفة مع قوات الاحتلال في مخيم نور شمس، وهو ما أفادت به أيضاً "كتائب القسام"، فيما أعلنت "كتيبة جنين" أنها فجّرت حقل ألغام مُعدّاً مسبقاً وعبوات ناسفة بآليات العدو. كما رصد مواطنون، عبر كاميرات هواتفهم، لحظة إصابة جندي إسرائيلي بعد تفجير عبوة ناسفة، وانفجار عدد من العبوات بالآليات، في حين أظهرت مقاطع مصوّرة سحب جيش الاحتلال آلية "نمر"، وقد بدت عليها آثار العبوة التي انفجرت فيها. من جانبها، أكدت "كتيبة طولكرم - سرايا القدس"، في بلاغات عسكرية متلاحقة، أن مقاتليها تصدّوا لقوات الاحتلال على عدّة محاور، ونصبوا كمائن لها، وحقّقوا إصابات في صفوفها. وقالت "الكتيبة" إن "العالم رأى على شاشاته اليوم كيف حوّلنا فخر صناعته العسكرية وناقلاته المصفّحة إلى أضحوكة يجرّها خائباً"، بينما أكد مواطنون أن قوات الاحتلال، بعد تعرّضها لعدة كمائن قاتلة في المخيم، باشرت إطلاق النار بشكل عشوائي على المواطنين ما أدى إلى استشهاد طفل وامرأة، وإصابة أربعة آخرين.
وعلى ضوء عمليات المقاومة الأخيرة، وخاصة بعد عملية جنين، رأى قادة الاحتلال أن المدينة باتت "معقل الإرهاب" في شمال الضفة الغربية، فيما حذّر رئيس مجلس الأمن القومي السابق، مئير بن شابات، من أن تنامي المقاومة في جنين ومنطقتها قد يُعيد سيناريو السابع من أكتوبر، من الضفة. وكتب المسؤول الأمني السابق، في صحيفة "إسرائيل اليوم"، أنه "بينما تهبّ رياح الحرب في الشمال، ويواصل الجيش العمل في رفح وشرق مدينة غزة، تقدّم جبهة جنين تذكيراً أليماً آخر بالواقع الأمني في شمال الضفة الغربية".