القاهرة | بعد أيام من الجمود الكامل في المفاوضات الخاصة بالتهدئة في غزة، بدأت القاهرة، مع انتهاء عطلة عيد الأضحى، العمل على استعادة الزخم لعملية التفاوض، من خلال ترتيب اتصالات ولقاءات مباشرة مع مختلف الأطراف، من أجل الدفع نحو تنفيذ خطّة الرئيس الأميركي، جو بايدن، لوقف الحرب في القطاع. وفيما تلقّى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، تقريراً مفصّلاً حول ما جرى من تطوّرات أثناء وجوده في السعودية لأداء فريضة الحج، لم يأتِ التقرير على ذكر أيّ جديد يخصّ المفاوضات، وإنْ تضمّن إشارة إلى سعي إسرائيل إلى إنشاء مناطق عازلة داخل غزة، إلى جانب التطرُّق تفصيليّاً إلى استمرار إغلاق معبر رفح الذي تمّ تدميره بشكل كامل من الجانب الفلسطيني على أيدي قوات الاحتلال، فضلاً عن عرض تفاصيل الوساطة الأميركية لإعادة تشغيل المعبر.وتعتقد القاهرة أن الهدف الرئيسي من العمليات الإسرائيلية في رفح، هو خلق مناطق عازلة على الشريط الحدودي مع مصر، إلى جانب إنشاء مناطق يمكن أن تتمركز فيها القوات الإسرائيلية داخل القطاع، في مرحلة ما بعد التوصل إلى اتفاق هدنة، وهو ما من شأنه أن يزيد الأزمة تعقيداً، في ظلّ الرفض الدولي لإعادة احتلال إسرائيل لغزة أو التواجد في القطاع في مرحلة ما بعد الحرب. كذلك، ترتبط خشية المصريين بوضع إسرائيل مزيداً من العراقيل اليومية أمام أيّ تصور أو مقترح للحلّ، وبغياب آليات الضغط الفعّالة عليها، وخصوصاً من الولايات المتحدة.
وفيما تتمسّك مصر بموقفها الرافض تشغيل معبر رفح في ظلّ استمرار السيطرة الإسرائيلية عليه، فهي تطالب الجانب الأميركي بتنشيط تحرّكاته على هذا الصعيد، وسط ربطها ما بين إنهاء تلك السيطرة ووقف الحرب عموماً، وتأكيدها أن المسارَين أصبحا متوازيَيْن. وتجري القاهرة، لهذه الغاية، اتصالات مع السلطة الفلسطينية لتولّى مهمّة إدارة معبر رفح، مع الإيحاء بقدرتها على إقناع حركة «حماس» وفصائل المقاومة بالمضيّ قُدماً في هذا المقترح، وإنْ بشكل مؤقت. وفي حين لم يتحدّد بعد موعد زيارة وفدَي حركتَي «حماس» و»الجهاد الإسلامي» إلى القاهرة للانخراط في مفاوضات مع المسؤولين المصريين حول التعديلات المطلوبة من جانبهما على مبادرة بايدن، يراهن المصريون في الوقت الراهن على الارتباك الداخلي الإسرائيلي، والذي يقولون إنه قد يشكّل تحوّلاً مفاجئاً في المسار العسكري، أي الاتجاه نحو مزيد من الوحشية، أو نحو التهدئة.
وفي هذا الإطار أيضاً، أجرى مسؤولون مصريون، أمس، اتصالات مع نظرائهم الأميركيين، تناولوا خلالها مخاوف القاهرة من عمليات عسكرية أكبر داخل قطاع غزة، على غرار ما حدث أخيراً في مخيم النصيرات. ويأتي ذلك فيما يتواصل الإلحاح المصري على واشنطن لتكثيف إدخال المساعدات، بالتزامن مع اتصالات أجرتها القاهرة بالفرنسيين للغرض نفسه، وأخرى مماثلة مع المنظمات الأممية المعنية بالوضع الإنساني في القطاع، فضلاً عن ترتيبات لزيارات ميدانية لمسؤولين دوليين إلى معبر رفح من الجانب المصري، لإظهار المعاناة التي تواجه الشاحنات في الوصول إلى معبر كرم أبو سالم والعبور إلى داخل غزة. وفي المقابل، أبدت إسرائيل اعتراضاً على عمليات إسقاط المساعدات جواً، والتي كان يفترض أن تنفّذها مصر مع الأردن على بعض المناطق شمالي غزة، فيما جرت اتصالات مع مسؤولين إماراتيين من أجل ممارسة مزيد من الضغوط على الإسرائيليين للسماح بإسقاط المساعدات التي تشارك أبو ظبي في توفيرها، ويجري تجهيزها في مطار العريش.