القاهرة | كلّف الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، رئيس وزرائه، مصطفى مدبولي، بتشكيل حكومة جديدة من «ذوي الكفاءات والخبرات والقدرات المتميّزة»، بعد أن تقدّمت الحكومة باستقالتها، أمس. ويأتي هذا الإجراء بعد حالة من الارتباك سادت الأوساط السياسية في مصر، على خلفية الزيادات المقرَّر لها أن تدخل حيّز التنفيذ، قريباً، على أسعار الكهرباء والمحروقات، إلى جانب سريان قرار رفع سعر الخبر ثلاثة أضعاف، بداية تموز المقبل، في أعقاب حسْم القاهرة تفاصيل خاصة بالاستجابة لشروط المانحين الدوليّين («صندوق النقد» و«البنك» الدوليان ودول الخليج)، حول خطط رفع الدعم.وفيما يعزو مراقبون استقالة الحكومة إلى «إجراء روتيني بعد الانتخابات الرئيسية اعتاده النظام في مصر، رغم أنه غير ملزم في الدستور»، يقول مسؤول مصري رفيع المستوى، في حديث إلى «الأخبار»، إن «السيسي كان يعتزم إقالة الحكومة في حال أفضت قرارات رفع الدعم إلى غضب شعبي»، لافتاً إلى أن «هناك سيناريوات عدّة طُرحت بالفعل، للتعامل مع أيّ مشكلات قد تنجم عن زيادات الأسعار». وكانت عارضت مكوّنات حكومية في الحكومة السابقة، هذه القرارات، خشية انفجار شعبي يسبّبه سوء الأوضاع الاقتصادية، فيما دعمها آخرون رأوا أن «المواطنين يمكن أن يتحمّلوها». وعليه، كان دعا هؤلاء إلى بدء حملة دعائية وإعلامية تتطرّق إلى «العمل على تحسين الأوضاع المعيشية في المستقبل القريب، ولا سيّما لمحدودي الدخل، وضمان عدم تضرُّرهم»، علماً أن الزيادات المقترحة على رواتب هذه الفئة لا توازي 10% من معدّل ارتفاع الأسعار. ومع ذلك، كان تردّد في أوساط الحكومة السابقة أن هناك ضرورة لعدم دفع أيّ زيادات على الرواتب، بهدف الحفاظ على التراجع المستمرّ في عجز الموازنة، خاصة وأن زيادة أسعار المحروقات لن تصاحبها زيادة في سعر المازوت والسولار الأكثر استخداماً في وسائل النقل الجماعي.
ستزيد أسعار الكهرباء بنسبة لا تقلّ عن 30% لمختلف الشرائح


وعلى أيّ حال، وبينما يعمل مدبولي على إعادة تشكيل الحكومة الجديدة في الوقت الحالي، من شأن وزراء الأخيرة، متى تم تعيينهم، العمل على تطبيق القرارات الجديدة، وفي مقدّمتها «رفع الدعم عن الكهرباء والبنزين بشكل كامل في غضون ثلاثة أعوام، إلى جانب إعادة النظر في آلية عمل الشركات الحكومية المملوكة للدولة، على أن يتمّ الإعلان عنها خلال مؤتمر صحافي» بعد تشكيل الحكومة الجديدة. وبحسب الخطّة التي أعدّتها الحكومة السابقة (لم تُعرض على البرلمان)، فإن «زيادة أسعار الكهرباء لن تقلّ عن 30% لمختلف الشرائح، والتي ستكون بمثابة خطوة أولى في اتجاه وقف عملية التقنين في التيار الكهربائي يومياً ما بين ساعة إلى ساعتين، والتي دخلت عامها الأول»، وهو ما ستصاحبه زيادة في الأسعار المدعومة على البطاقات التموينية، والتي ستزيد بنسب تصل إلى 50% في غضون الأسابيع المقبلة، ضمن عملية إعادة تسعير كل السلع المدعومة من الدولة، فيما سيتبع الزيادة على سعر الخبز، رفع أسعار كل الخدمات ووسائل النقل الحكومية.
من جهة أخرى، وفي وقت لا تزال فيه شركات كبرى قيد الطرح، فإن شركات أخرى كان يفترض طرحها سيتم العمل على إعادة هيكلة إدارتها، بما يسمح بتغيير طبيعتها وإدراجها للعمل ضمن قانون موحّد. ويأتي ذلك فيما يدرس مسؤولون في «البنك الدولي»، مع ممثلين عن الحكومة المصرية، خططاً لفصل الملكية عن الإدارة، على أن تُعنى بالأخيرة وحدة مركزية لإدارة الشركات الحكومية، سيتم تأسيسها بالشراكة بين الطرفين، لبحث ومتابعة آليات عمل أكثر من ألف شركة تمتلكها الدولة، ثم يُصار إلى إخضاعها لقواعد محدّدة وواضحة وسياسات محاسبية مشتركة، مع إلزامها بالإفصاح عن جميع بياناتها بشفافية.