غزة | أبدى الشارع الغزي ردود فعل متباينة حيال خطاب الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي قدّم فيه ما وصفه بالمقترح الإسرائيلي لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزة، معتبراً أنه يلبّي طموحات حركة «حماس» المتمثّلة في وقف الحرب وانسحاب جيش الاحتلال من أراضي القطاع وتحرير الأسرى وإعادة الإعمار ودخول المساعدات، وفي المقابل يمنع المقاومة من إعادة تكرار عملية السابع من أكتوبر. وبدا هذا التفاوت مرتبطاً بمستوى حدة الظروف السيئة التي يعانيها النازحون في المناطق التي يعيشون فيها. ففي جنوب وادي غزة، وتحديداً في المناطق التي أعلنها جيش العدو «آمنة»، في مواصي خانيونس ودير البلح، حيث يتكدّس نحو مليون إنسان في شريط جغرافي ضيق للغاية، وسط انعدام كل سبل الحياة، يتجلّى قول محمود درويش «إن الأمل بذاته موجع حينما لا يتبقّى سواه». فالأهالي هناك يتعلّقون بأي قشة قد تنقذهم من واقعهم السيّئ.ويقول النازح من شمال القطاع إلى مدينة دير البلح، محمد أبو قمر، لـ«الأخبار» إن «الآلاف من الأسر تعيش مستوى عالياً من التفاؤل بقرب التوصل إلى صفقة تفضي إلى عودتها إلى شمال القطاع. وقد بدأت عشرات الأسر بحزم أغراضها استعداداً ليوم العودة المرتقب». ويضيف أن «الناس تفاعلوا مع خطاب بايدن، خصوصاً أن الموافقة الإسرائيلية على المقترح الذي قدّمته تل أبيب مضمونة، وليس من المتوقّع أن ترفضه حماس. يشعر الناس بأنهم أمام مرحلة جادة من التفاوض ستقود إلى إنهاء المأساة الإنسانية التي يعيشونها». ويتابع: «التفاؤل هو الإكسير الذي يدفع الناس إلى تحمّل العيش في الخيام تحت درجات الحرارة المرتفعة. الناس يعتقدون أن هناك هامشاً واسعاً لخيبة الأمل، لكنهم يمنّون أنفسهم بغد أفضل».
أما في شمال وادي غزة، فقد انقسمت مواقف الأهالي إلى فريقين، الأول يعتقد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يتّخذ من المفاوضات غطاء لتنفيس الضغوط الداخلية التي يعانيها، ومواصلة حرب لا نهاية لها. هؤلاء المتشائمون، كانوا قد خرجوا قبل يوم واحد من بدء العملية البرية في رفح، في مسيرات مسائية ابتهاجاً بإعلان حركة «حماس» موافقتها على المقترح الذي قدّمه الوسطاء لوقف إطلاق النار بداية أيار الماضي. وهم يتعاطون مع الأخبار السياسية بمستوى عال من عدم الاكتراث، ومنهم أم صبحي أبو ندى التي تقول، لـ«الأخبار»: «والله طلعت أزغرد ليلتها، ووزّعت حلاوة وخبزاً على الأطفال، فرحاً بوقف الحرب. وفي اليوم التالي هجموا على رفح. شعور خيبة الأمل أسوأ بعشرات المرات من انعدام الأمل».
أما في محافظة شمال قطاع غزة، وتحديداً في مخيم جباليا المدمّر، فبالكاد سمع الأهالي بالأخبار السياسية الأخيرة، إذ لا أحد هناك يمتلك هذا الهامش من الترف، بل تخرج العائلات في صباح كل يوم للبحث عن ما يمكن إيجاده من ملابس بين أنقاض منازلها المدمّرة، بينما يبحث آخرون عن منازلهم التي لم يجدوا أثراً لركامها، ويعودون في نهاية كل يوم شاق، إلى مراكز الإيواء، حاملين همومهم الكبرى.