وتوجّه هنية عقب لقائه أمير عبد اللهيان إلى مصر، في ما يؤشر إلى تقاطع الاتصالات بين إيران و«حماس»، في سياق بلورة اتفاق لوقف إطلاق النار. وفي الوقت ذاته، لا تزال التوقعات بالتوصل إلى الاتفاق المذكور ضئيلة، نظراً إلى التباين بين مطالب الطرفين؛ فـ«حماس» تريد اتفاقاً لوقف النار بشكل كامل، بينما توافق دولة الاحتلال على نوع من وقف النار لفترة وجيزة كحد أقصى، وتستمر في القول إنها ستواصل الحرب. وعلى الرغم من التباين في الرؤى، فإن التطورات تتحرك الآن نحو مسار يدفع بالطرفين (حماس وإسرائيل)، إلى تفاوض غير مباشر.
تتقاطع الاتصالات بين إيران و«حماس»، في سياق بلورة اتفاق لوقف إطلاق النار
وفي خضمّ ذلك، أكّد مصدر دبلوماسي عليم، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الموقف الإيراني العلني والخفي، هو واحد، ألا وهو الوقف الكامل للحرب»، مشيراً إلى أن «إيران لا ترى أن استمرار الحرب يخدم مصالحها ومصالح محور المقاومة، وهي بصدد وقفها في هذه المرحلة بالذات، لأن استمرار الحرب من وجهة نظر إيران، يؤدي إلى إضعاف موقع حماس بوصفها حليفاً لإيران». وتابع المصدر: «لقد اعتمدت إيران سياسة ثلاثية الأوجه، ففي الدرجة الأولى، نأت بنفسها عن الدخول بشكل مباشر في هذه الحرب لكي تبقى بمأمن عن أضرارها؛ وفي مرحلة لاحقة، اعتمدت سياسة توجيه التحذيرات إلى إسرائيل إلى جانب إجرائها الاتصالات الدبلوماسية بهدف وضع نهاية للحرب، بينما تمثّلت المرحلة الثالثة في دعم حلفائها الإقليميين في مهاجمة إسرائيل ومصالحها، بمن فيهم «حزب الله» في لبنان و»أنصار الله» في اليمن».
وفي الأثناء، فإن تشكيل أميركا التحالف الذي أطلقت عليه اسم «حارس الازدهار»، خلال الأيام الأخيرة، ضد إجراءات صنعاء في مهاجمة السفن المتجهة نحو إسرائيل، يمكن أن يزيد من مستوى التصعيد في منطقة باب المندب ويتمخّض عن وقوع مواجهة بين التحالف من جهة، وصنعاء بوصفها حليفة لطهران، من جهة أخرى، الأمر الذي يمكن أن يورّط إيران أكثر في هذه الأزمة، ويضرّ بتطبيع العلاقات الذي تم بين إيران والسعودية في آذار الماضي، في حال اتّسعت رقعة التصعيد. ويُشار، هنا، إلى أن الصين التي رعت الاتفاق بين طهران والرياض، وجّهت دعوة إلى كل من المساعد السياسي لوزير الخارجية الإيراني، علي باقري، ووكيل وزارة الخارجية السعودية، وليد بن عبد الكريم الخريجي، لزيارة بكين؛ وذلك بهدف التعبير عن القلق من تداعيات تطورات المنطقة على الاتفاق المذكور، فضلاً عن التصعيد الحاصل في الممرات المائية، والذي تُعَد الصين أحد المتضررين منه.
على خطّ موازٍ، يبدو أن «الرسائل والإشارات»، التي قال وزير الخارجية الإيراني إنه تلقّاها خلال لقائه نظيره القطري، من دون التطرّق إلى تفاصيلها، تتضمن رسائل أميركية إلى إيران بشأن الممرات المائية، إذ تابع بقوله: «يبدو أن الأميركيين يريدون في ظل مساعيهم الجديدة، النأي بأنفسهم عن الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين، لكنهم لا يزالون يقفون فعلياً إلى جانب الكيان الإسرائيلي في المسار العسكري المهزوم». وفي المقابل، وبما أن قطر لطالما مثّلت أحد مراكز تبادل الرسائل غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، فإنه يبدو أن رسائل بودلت بين الطرفين خلال هذه الزيارة، وموضوعها الرئيس «ضرورة الحد من توسع نطاق الحرب بما يتجاوز حدود غزة»، علماً أن أمير عبد اللهيان أجرى بالتزامن مباحثات مع نظيره العماني، بدر بن حمد البوسعيدي، فيما تشكّل سلطنة عمان، أيضاً، منذ القدم وفي المنعطفات الهامة، وسيطاً لتبادل الرسائل بين طهران وواشنطن. وفي السياق، ذكرت مصادر مطّلعة أن «واشنطن طلبت من طهران أن تتحكّم بحليفتها صنعاء للحد من استمرار وتصاعد التوترات في مضيق باب المندب من جهة، فيما تسعى هي للضغط على إسرائيل وإجراء مشاورات مع حلفائها لوضع نهاية للحرب في غزة من جهة أخرى».