القدس المحتلّة | شهدت مدينة القدس المحتلّة، أمس، «مسيرة الأعلام» الصهيونية التي شارك فيها عشرات آلاف المستوطنين، تقدّمهم وزيران على الأقلّ في حكومة الاحتلال، وعدد من أعضاء «الكنيست» من اليمين المتطرّف. وانتهى المطاف بالمسيرة إلى ساحة باب العامود، حيث تحوّلت إلى حالة من السعار الهستيري العنصري، وهتافات بالموت للعرب، توازياً مع الاعتداء على الطواقم الصحافية المحلّية والأجنبية التي تعرّضت لثلاث هجمات متتالية من حشد كبير من المستوطنين، ما أوقع إصابات في صفوف بعض الصحافيين. وأفاد الصحافي ضياء الحج يحيى، «الأخبار»، بأنه أصيب بجروح في رأسه، خلال اعتداء المستوطنين عليه وزملاء له، متّهماً شرطة الاحتلال بأنها تعاملت مع المعتدين بليونة. وهو ما أكدته أيضاً الصحافية مرام بخاري التي أشارت إلى تعرّضها لمقذوفات من الحجارة وزجاجات الماء.وبينما كانت ساحة باب العامود - التي يطلق عليها المقدسيون اسم «ساحة الشهداء» تيمّناً بشهداء هبّتَي القدس الأخيرتَين، الذين ارتقوا هناك بعد تنفيذهم هجمات فدائية - تشهد على ذلك السعار، كانت البلدة القديمة تسجّل مزيداً من الاعتداءات الفاشية التي اقترفها جنود الاحتلال ومستوطنوه، خاصة في شارع الواد وحي الجبشة، ومنطقة باب السلسلة قرب المسجد الأقصى. وأدّت تلك الاعتداءات إلى إصابة ثلاثة فتية قاصرين ومسنّ، فيما اعتُدي أيضاً على ثلاثة شبّان في حي السلسلة المتاخم للمسجد الأقصى، حيث يقع منزل المقدسي جمال عسيلة، رئيس «ديوان عشائر فلسطين»، الذي روى، لـ«الأخبار»، «كيف فرضت مسيرات المستوطنين وعربداتهم على أهالي الحيّ ما يشبه الحبس المنزلي خشية تعرّضهم لاعتداءات عنصرية». وأشار عسيلة إلى أن «جميع الأهالي ظلّوا رهن منازلهم، مع استمرار تدفّق أعداد هائلة من المستوطنين إلى الحيّ، ومنه إلى ساحة البراق حيث انتهت المسيرة في مجملها إلى هذه الساحة، وأقيمت فيها احتفالات صاخبة جدّاً، توازياً مع محاولات مستميتة لاقتحام الأقصى».
ولم يكن الأهالي وحدهم من فُرض عليهم الحبس، بل إن معظم تجّار البلدة القديمة أرغموا على إغلاق محلاتهم التجارية في سوق القطانين، وشارع الواد، وأسواق العطارين واللحامين والدباغة. وبينما كانت البلدة القديمة برمّتها، بما فيها المسجد الأقصى، رهينة هذه المسيرة، لم يتمكّن سوى العشرات من المقدسيين المحاورين للمسجد من أداء صلاتَي المغرب والعشاء بسبب عربدة المستوطنين. أمّا في خارج البلدات القديمة، وتحديداً في شارعَي السلطان سليمان وصلاح الدين وأحياء واد الجوز والطور والصوانة وسلوان، فقد سُجّلت مسيرات فلسطينية متواضعة هناك، تحوّل بعضها إلى اشتباك بالأيدي بعد رفع علم فلسطين وسط شارع صلاح الدين. وأفضى الاشتباك إلى اعتقال إحدى المرابطات وتُدعى إلهام نعمان بعد قمع المشاركين والمشاركات في التظاهرة، فيما حلّقت البالونات «الفلسطينية» عالياً في سماء واد الجوز والصوانة والطور. وكان الاحتلال استبق «مسيرة الأعلام» بنصب عشرات الحواجز الحديدية التي منعت الأهالي من الوصول إلى منطقة باب العامود، وحالت دون إقامة أيّ تجمّع بشري، كما كان عليه الحال في السنوات الماضية حيث دأب المقدسيون على التجمّع بالآلاف في مواجهة المسيرة.