الخرطوم | عادت الاشتباكات القوية بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، وتركزت في العاصمة الخرطوم، فيما خرج قائد تلك القوات، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بتسجيل صوتي لينفي ما سمّاها «شائعة موته». وعلى وقع أصوات الطائرات والقصف الثقيل، ينام سكان العاصمة ويستيقظون، بينما يواصل الجيش استهداف إمدادات «الدعم» من الأسلحة والذخائر والوقود. وقال الجيش، في بيان، إنه استهدف في «عملية نوعية» إمدادات كانت في طريقها إلى عناصر «الدعم» المتمركزين حول «مستشفى شرق النيل» في منطقة شرق النيل، منذ الأيام الأولى لاندلاع الحرب منتصف شهر نيسان الماضي. ونفى البيان وقوع ضحايا مدنيين أو من المواطنين الذين فرّوا من المنطقة بفعل «انتهاكات» «الدعم»، فيما تفيد رواية الأخيرة بأن القصف طال عدداً من المناطق في الخرطوم، من بينها «مستشفى شرق النيل»، ما تسبّب بـ»مقتل وإصابة العشرات من المواطنين وتدمير جزء كبير من المستشفى». ومع استمرار المواجهات المسلحة بين الطرفَين، زادت أعداد القتلى وسط المدنيين بصورة ملحوظة.وفي الوقت الذي تنتشر فيه الجريمة بصورة مخيفة في مدن الخرطوم، أصدر قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، قراراً بإقالة وزير الداخلية والمدير العام للشرطة، الفريق عنان حامد محمد، وتكليف الفريق خالد حسان محيي الدين. ويأتي هذا القرار في ظل غياب كامل لقوات الشرطة عن الأرض منذ اندلاع الحرب، ما عدا نزول بعض العناصر التابعين لقوات «الاحتياط المركزي» من أجل حفظ الأمن في الأسواق، والذي لم يتحقّق على أيّ حال، بالنظر إلى مهاجمة مجموعات كبيرة من العصابات جميع أسواق المدينة من دون استثناء ونهبها إياها. وبدا لافتاً انسحاب «الاحتياط المركزي» بعد أيام قليلة من مشاركتها في الاقتتال في منطقة السوق العربي وسط الخرطوم. كذلك أصدر البرهان قرارات أخرى هي الأولى منذ اندلاع الحرب، من ضمنها إحالة اللواء ركن عثمان محمد حامد، واللواء أبشر جبريل بلايل، واللواء حسن محجوب الفاضل، والعميد عمر حمدان، إلى المعاش. وتجمع هؤلاء صفة انتدابهم من قبل القوات المسلحة للعمل ضمن «الدعم السريع»، وعدم استجابتهم لدعوة القائد العام للجيش لإنهاء انتداب جميع ضباط القوات المسلحة وعودتهم إلى وحداتهم. إذ تمسّك هؤلاء وأمثالهم بالعمل في صفوف «الدعم» في مناصب قيادية عليا، ومن بينهم العميد عمر حمدان، رئيس وفد «الدعم» في المفاوضات التي تستضيفها مدينة جدة السعودية.
أصدر البرهان قراراً بإحالة محافظ بنك السودان إلى التقاعد


وعاب متابعون مؤيدون للجيش الصيغة التي خرج بها قرار الفصل، وهي الإحالة إلى المعاش، ما يعني أنه سيتمّ إنهاء خدمة المفصولين، بترقية ومخصّصات مالية بحسب قانون القوات المسلحة. ويرى هؤلاء المتابعون أنه كان الأجدر أن يخرج القرار بالطرد والتجريد من الرتبة العسكرية والحرمان من الحقوق، آخذين في الاعتبار أن البرهان قد حلّ «الدعم السريع» وصنّفها كقوة «متمردة»، فيما الضابط المفصولون لم ينصاعوا لأوامر القائد العام بالعودة إلى القوات المسلحة. ويتساءل المراقبون أنفسهم عن عدم إصدار قرار يقضي بإنهاء خدمة «حميدتي» في «مجلس السيادة»، حيث لا يزال يحتفظ بصفة نائب الرئيس حتى الآن، على الرغم من أن منحه إياها لا يرتكز على أيّ صيغة قانونية، إذ لا يوجد في الوثيقة الدستورية منصب كهذا، إنما استحدثه البرهان ومنحه لـ»حميدتي»، فيما تغاضى أعضاء المجلس من المكوّن المدني عن ذلك، ولم يسجّلوا أيّ صوت احتجاج وقتها.
من جهة أخرى، أصدر البرهان قراراً بإحالة محافظ بنك السودان إلى التقاعد، بالإضافة إلى تجميد حسابات «الدعم السريع» وشركاتها في جميع البنوك السودانية وفروعها في الخارج، ومنع صرف أي استحقاقات أو ميزانيات مرصودة لتلك القوات، موجّهاً وزارة المالية بوضع هذه القرارات موضع التنفيذ. ويشكك مراقبون في جدوى تلك الخطوات، بالنظر إلى أن معظم أرصدة «الدعم السريع» خارج البلاد، فيما لا توجد شركات تجارية مسجلة بأسماء قادتها.