شهدت شوارع القطاع مسيرات جماهيرية حاشدة وصلت إلى منازل الشهداء
كانت رشقات الساعة 12:40 ظهراً، هي البداية لدراما خطيرة صُنعت دقائقها بالنار. في تلك الساعات، أعلنت «سرايا القدس» أن مجموعة من سلاح الدروع نجحت، يوم الجمعة، في استهداف تجمّع للجنود الإسرائيليين في موقع الإرسال بصاروخ موجّه، وحقّقت فيهم إصابات مباشرة. ثمّ تَواصل مشهد الإغراق الناري حتى ساعات المساء، وكان يُراد منه، وفق مصدر في «السرايا»، تفريغ سياسة اغتيال القادة من مضمونها، من خلال الإثبات أن فعالية الميدان لا تزال حاضرة، ولم يطرأ عليها أيّ تأثر عقب اغتيال الحسني، الذي زعمت إسرائيل أنه كان يقود آخر غرفة عمليات وسيطرة تابعة لـ«الجهاد الإسلامي». وهنا، يؤكّد المصدر ذاته، في حديثه إلى «الأخبار»، أن كلّ الاغتيالات التي حدثت طوال الأيام الخمسة من المعركة، لم تستطع أن تؤثّر في قدرة المقاومة على مواصلة القتال، بالنظر إلى طبيعة البنية العسكرية للقوة الصاروخية التي تعمل بتشكيل أساسي، تندرج أسفلَ منه العشرات من تشكيلات الظلّ، والتي بقيت حتى اللحظة الأخيرة من الجولة بـ«ألف خير». ويتابع المصدر: «كان يلزم مقاومي الميدان فقط، أن يتلقّوا الأمر بإطلاق النار، لأن العمل لا يخضع للمزاجية والعشوائية. وعقب اغتيال الحسني، كانت جميع المرابض جاهزة ومذخّرة في انتظار الإشارة».
ما تَقدّم إنّما هو فصول من الحكاية، التي أتمّت المقاومة روايتها على شاكلة أكثر زخماً. إذ شهدت الـ 20 دقيقة الأخيرة، التي سبقت البدء الفعلي لوقف إطلاق النار، رشقات صاروخية كبرى، تجاوزت في عددها ومداها رشقة الظهيرة. وأمام صدمة النار، أصيبت منظومة الإنذار المبكر بخلل لم تستطع بعده مواصلة التنبيه إلى النقاط المستهدفة. وفي تمام الساعة 9:20، انطلقت الصواريخ من جديد، مطاولةً مستوطنات «غلاف غزة»، ثم وصلت رشقة كبيرة منها إلى مدينة أسدود، وأخرى إلى «بلماحيم» في ضواحي تل أبيب، وثالثة أيضاً إلى «حولون» و«ريشون لتسيون». أرادت «السرايا» أن ترسم مشهدية عبّر عنها تصميم نشره الإعلام الحربي، حمل عبارة «الكلمة العليا لنا»، فيما لم يسعف الوقت جيش الاحتلال لتوجيه ضربات جديدة ردّاً على الرشقات الأخيرة.
ومع بدء وقف إطلاق النار، شهدت شوارع القطاع مسيرات جماهيرية حاشدة وصلت إلى منازل الشهداء، ولا سيما قادة المجلس العسكري، ردّد المشاركون فيها شعارات أكدت مواصلة مبايعة المقاومة.