وكان رهان القوى الخاسرة على تعديل النتائج من خلال إعادة الفرز بشكل يدوي، سقط، بعدما رفضت المفوّضية العليا للانتخابات 174 طعناً، وقبلت سبعة فقط هي وحدها التي سيصار إلى إعادة الفرز بموجبها يدوياً، ليبقى الشارع، مع كلّ مخاطره في بلد كالعراق، هو ساحة النزال، خاصة أن مصادر عراقية نفت نيّة محمد رضا السيستاني، نجل المرجع آية الله علي السيستاني، دعوة طرفَي الطيف السياسي «الشيعي» إلى اجتماع لتقريب وجهات النظر والاتفاق على رئيس وزراء جديد، من زاوية أن المرجعيّة لا تتدخّل أبداً في تسمية رئيس الوزراء. ومنذ أيّام، تستمرّ التظاهرات التي دعا إليها «الإطار التنسيقي» الذي يضمّ «ائتلاف دولة القانون» برئاسة نوري المالكي، و«تحالف الفتح»، ومستقلّين، تحت عنوان التزوير، والتدخّل الخارجي، ولا سيما الأميركي والإماراتي. وظهرت شعارات تُذكّر بثوابت الحركة «الشيعية» منذ ثورة العشرين ضدّ الاستعمار الإنكليزي، في اتّهام ضمني لـ«التيار الصدري» بالخروج عن هذه الثوابت. وفي ظلّ هذا الاحتقان، برزت مخاوف من الوصول إلى اضطرابات أمنية، خصوصاً مع استحضار لغة عنفية على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث هدّد أحدهم بدخول خمسة ألوية من «الحشد الشعبي» إلى المنطقة الخضراء في بغداد، إذا لم يستقِل الكاظمي الذي اتّهمه بعض روّاد تلك المواقع بالمساهمة شخصياً في «تهكير» نتائج الانتخابات، سواء كانت إلكترونية أو يدوية.
برزت اتّهامات ضمنية لـ«التيار الصدري» بالخروج عن ثوابت ثورة العشرين
على خطّ موازٍ، تستمرّ قراءات القوى السياسية العراقية، الجديدة منها والقديمة، لنتائج الانتخابات وما سيعقبها. وفي هذا الإطار، يَعتبر النائب الفائز عن حركة «امتداد»، محمد نور عزيز، في حديث إلى «الأخبار»، أن المقاعد التسعة التي حقّقتها حركة «امتداد» التي تمثّل حراك تشرين، «ليست كافية»، عازياً انخفاض حصّة الحراك إلى «عدم فهم القانون بشكل واضح من قِبَل الناخبين، وعدم توقّعهم حصول تغيير كهذا بهذه الطريقة، وكذلك ضعف الإمكانيات مقابل الأحزاب المستولية على السلطة»، مضيفاً أن من بين الأسباب التي أدّت إلى تراجع بعض الأحزاب «انخفاض نسبة المشاركة، وتشتّت جمهور هذه الأحزاب، في مقابل اختلاف جمهور التيار الصدري عن البقيّة لما يسوده من طاعة لقائده». مع ذلك، يرى عزيز أن «الانتخابات فتحت باباً كبيراً جدّاً للتغيير»، داعياً إلى «إعادة تقييم النظام السابق وتغييره». وعمّا إذا كانت «امتداد» مستعدّة لدخول تحالف يقوده الصدر، يقول إن «الحركة تتعامل مع المتغيّرات السياسية انطلاقاً من ثوابتنا التي أنشأنا امتداد على أساسها وكسبنا بها ثقة الشعب»، متابعاً، في ما يتّصل بالعلاقات مع دول الجوار، أنها «يجب أن تكون وفق المصالح المشتركة التي تُبنى على أسس احترام استقلالية البلد والحفاظ على سيادته»، مبدياً ميلاً خصوصاً لتحسين العلاقات مع الدول العربية ولا سيما دول الخليج، «لأنها عربية ولنا معها عمق تاريخي وروابط اجتماعية وثقافية كبيرة».