اعتبر محلّلون ما يحدث نتاجاً طبيعياً للتنازلات التي قدّمتها «قوى الحرية والتغيير»
وفي إزاء ذلك، اعتبر محلّلون ما يحدث نتاجاً طبيعياً للتنازل الذي قدّمته «قوى الحرية والتغيير» آنذاك، بقبولها الجلوس مع العسكر للتفاوض حول «الوثيقة الدستورية»، عادّين خطاب البرهان في منطقة المرخيات غرب أمّ درمان أمس، بمثابة إعلان بفضّ الشراكة مع المدنيين، وإن لم يعلن ذلك صراحة، وهو ما قد يقدم عليه في أيّ وقت غير آبه بالعواقب. ورأى المحلّلون أن ما دعا البرهان إلى التريّث خشيته من ردّة الفعل الشعبية، والتصعيد الذي قد تعمد إليه لجان المقاومة، ولا سيما أن الشارع لم يغفر لقادة الجيش جريمة فضّ الاعتصام، على رغم أن رئيس «مجلس السيادة» حاول الإيحاء بأن الهوّة إنّما هي بين الشارع وبين «بعض القوى السياسية التي تتجاهل معاناة المواطن، وتركّز على الإساءة إلى القوات المسلحة، والتي أصبحت وسيلة للحصول على المناصب والكراسي»، مهدّداً بـ«أننا لن نقبل بأن تتسلّط علينا أيّ قوى سياسية وتُوجّه إلينا الإساءات». وعلى رغم ما تَقدّم، استبعد مصدر عسكري، في حديث إلى «الأخبار»، إقدام القائد العام للجيش على خطوة فضّ الشراكة، مستنداً في فرضيّته إلى أن البرهان «يدرك جيداً حجم الدعم الدولي للحكومة الانتقالية، والخطوات التي قام بها المجتمع الدولي في سبيل استمرارها إلى حين قيام انتخابات وإرساء التحوّل الديمقراطي». لكنّ مراقبين يرون أن كلّ المؤشرات تؤكّد أن رئيس «مجلس السيادة» ماضٍ في اتجاه فضّ الشراكة مع المدنيين، والدعوة إلى انتخابات مبكرة، خصوصاً بالنظر إلى إعلان البرهان «(أننا) سنعمل على بناء الوطن مع القوى الوطنية المؤمنة بالانتقال الديمقراطي». وفي هذا الإطار، من غير المستبعد أن يكثّف القائد العام للجيش، خلال الفترة المقبلة، اتّصالاته مع بعض القوى السياسية لدعم مخطّطه.
وبينما أثار تمنين البرهان، المواطنين، بإجهاض المحاولة الانقلابية الأخيرة، الاستنكار، على اعتبار أن حفظ أمن البلاد واستقرارها من صميم عمل الجيش، بدا واضحاً أن من بين أبرز ارتدادات ما شهده يوم أول من أمس، إعادة شدّ اللُّحمة بين قيادة الجيش و«الدعم السريع»، وهو ما تجلّى في ملازمة قائد الميليشيا، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، للبرهان في جميع اللقاءات التي أعقبت المحاولة الانقلابية، وترديد الرجلين الخطاب نفسه أمس، حيث اعتبر دقلو أن «السياسيين هم الذين أعطوا الفرصة لقيام الانقلابات، لأنهم أهملوا المواطن ومعاشه وخدماته الأساسية، وانشغلوا بالصراع على الكراسي وتقسيم المناصب، ما خلق حالة من عدم الرضى وسط المواطنين». والظاهر أن انتماء منفّذي المحاولة إلى المؤسسة العسكرية ربّما أعطى قيادة الجيش إشارة إلى حالة عدم الرضى في قواعدها، ما يعني أن لا سبيل أمامها إلّا الاستقواء بـ«الدعم السريع»، على الأقلّ في الوقت الحالي.