رام الله | أخيراً، وبعد فتور طويل، أعلنت السلطة الفلسطينية طرحها عطاءات دولية للتنقيب عن النفط في الضفة الغربية، إضافة إلى إعادة إحياء الاتفاق الموقّع مع شركة «بريتيش غاز» لاستخراج الغاز قبالة شواطئ غزة، وذلك تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الذي تمت المصادقة عليه قبل أسبوعين. وبحسب المصادر الحكومية، سيكون مجال المشاركة مفتوحاً لكافة الشركات العالمية على حدّ سواء حتى نهاية حزيران القادم، على أن يتمّ تشكيل لجنة وزارية خاصة لدراسة الطلبات، ستُرفع توصياتها لاحقاً إلى مجلس الوزراء لبتّها.
ما بين 30 و186 مليون برميل، هو حجم الثروة النفطية التي تُقدّرها السلطة بعد دراسات تقديرية أُجريت بمشاركة خبراء عالميين خلال الأشهر الماضية. تتركز هذه الثروة، بحسب تقديرات السلطة، ضمن منطقة امتياز تمتد من قلقيلية شمالاً حتى رام الله غرباً، بمساحة 432 كلم مربع، وهي كمية تراها الحكومة اقتصادية، ومن شأنها أن تعود على خزينتها بمبلغ يزيد على مليار دولار.
في كل الأحوال، لا شكّ في أن مشروعاً كهذا سيعود بمنفعة اقتصادية كبيرة، وسيفتح آفاقاً جديدة لسوق يعتمد بالكامل على إسرائيل في استيراد المحروقات. لكنّ خبير اقتصاديات المصادر الطبيعية، عبد الرحمن التميمي، يحذّر من الإفراط في التفاؤل فيه، في ظل سيطرة إسرائيلية مطلقة على الموارد، معرباً في حديثه إلى «الأخبار» عن اعتقاده بأن هذا الأمر «ينطوي على مبالغات كبيرة ما دام ليس هناك تقديرات دقيقة لحجم الثروة النفطية في الحقل المذكور». وبالنسبة إلى الحفريات الإسرائيلية في تلك المناطق، يعتقد التميمي أنها «حفريات لتقدير الكميات النفطية، وتحديد مساحة الحقل، وليست حفريات للإنتاج». إلى جانب ذلك، ثمة عاملٌ آخر يجعل عدداً كبيراً من الفلسطينيين غير متحمسين لهذا النوع من المشاريع، فقد سبقها الإعلان عن مشاريع أخرى كبرى قالت السلطة إنها ستحرر الاقتصاد الفلسطيني بنحو كبير، لكن أرقام الموازنة الحكومية في العام الماضي تشير إلى ارتفاع كبير في العجز الحكومي، على عكس ما كان معلناً. إلى جانب ذلك، تأتي هذه المشاريع في فترة دقيقة وضبابية على الصعيد السياسي، في ظل تعثر المفاوضات، وما قاله نائب رئيس الوزراء الفلسطيني، والمكلف بملف النفط، محمد مصطفى اليوم بخصوص: «ان تنفيذ هذا يؤكد السيادة الفلسطينية على الموارد الطبيعية من خلال طرح عطاء التنقيب عن النفط، والانطلاق إلى مزيد من المشاريع المتعلقة باستغلال الثروات الطبيعية، سواء كانت في الأغوار الفلسطينية أو في البحر الميت»، يقابل ذلك واقع آخر على الأرض، وهو أن كل تلك المشاريع جاءت بعد الإعلان عن خطة كيري الاقتصادية، كما أن معظمها تضمّنته بنود الخطة، وهو ما يثير المخاوف من أن الآمال والخطط المبنية على تلك المشروعات ستصبح في مهب الرياح في حال فشلت المفاوضات. تعقيباً على ذلك، يبيّن مدير معهد ماس للدراسات الاقتصادية سمير عبدالله، في حديث إلى «الأخبار»، أن ّالجهود الفلسطينية هدفها الرئيسي هو حصر الثروات في الفترة الحالية، بحيث إنه إذا لم يتمكن الجانب الفلسطيني من استثمارها، فسوف يستطيع حمايتها بصورة أفضل عندما يكون على بينة من هذه الموارد، واحتياطياتها، وامتدادها الجيولوجي». لكن التنقيب عن النفط يتطلب وجود طواقم مشتركة بحسب اتفاقية أوسلو، إضافة إلى أن إسرائيل هي من يسيطر على المعابر ويسمح بدخول التقنيات الخاصة بالتنقيب. يرد عبدالله على ذلك بالقول: «العطاء الآن مقدم لشركات دولية، إسرائيل لا تحترم أي اتفاقيات، ونحن الآن في معركة مع إسرائيل لاستغلال مواردنا الطبيعية».
ويضيف وزير العمل والتخطيط السابق: «التنقيب اليوم يتم من خلال تكنولوجيات جديدة، ولم تعد عملية الحفر هي الأساس، ربما يتم اللجوء إلى عملية الحفر عند توافر تأكيدات على وجود بترول».