ركز الوفد جلّ اهتمامه على مواطن أميركي اعتُقل في الاحتجاجات
ورغم أن زيارة وفد الكونغرس، التي جاءت بمساعدة معهد «همتي دمتي» للتعرف على السودان، تأتي بصورة غير رسمية، أتيح للوفد الأميركي عقد لقاءات مع مسؤولين حكوميين وأحزاب معارضة وممثلين عن المجتمع المدني وناشطين حقوقيين سجنوا أخيراً وصحافيين ورجال أعمال، ما أعطى الاحتجاجات المستمرة منذ ثلاثة أشهر زخماً بدا في تكثيف ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي دعواتهم إلى الخروج في موكب سبق أن دعا إليه «تجمع المهنيين السودانيين»، إثر تصريحات نُسبت إلى عضو الكونغرس، الذي حمّل المنتسبين إلى جهاز المخابرات، في لقاء مع رئيس الجهاز، صلاح قوش، عمليات القمع ضد المتظاهرين، غير أن الزائر الأميركي ركّز جلّ اهتمامه على مواطن أميركي معتقل في السودان على خلفية الاحتجاجات الأخيرة. وقال في بيان إنه أبدى «قلق حكومة الولايات المتحدة بشأن سجن مواطن أميركي، وطالب بالإفراج عنه وعن جميع المعتقلين السياسيين».
لكن وزير العدل، محمد أحمد سالم، دافع أمام السيناتور الأميركي عن إعلان حالة الطوارئ والتدابير المتعلقة بها، وشرح له «الضمانات العادلة للمتهمين، بما فيها حق الاستئناف والاستعانة بمحامين»، مؤكداً له حرص الدولة على «صيانة كرامة وإنسانية الموقوفين في الاحتجاجات، وعدم تعرضهم لأي معاملة غير إنسانية أو مخالفة للقانون». كما كانت الحكومة قد سعت إلى تأكيد التزامها بحرية التعبير، بالتزامن مع بدء زيارة وفد الكونغرس، إذ تصفّح القراء صباح أمس، صحيفتي «الجريدة» و«الوطن» المحليتين، اللتين ظلتا في حالة مصادرة ومنع من الصدور منذ اندلاع التظاهرات، ولم يخف الملحق السياسي في السفارة البريطانية في الخرطوم سعادته بتسلّم نسخته من «الجريدة»، عبر تغريدة في «تويتر».
وبالنظر إلى الملفات التي أثارها وفد الكونغرس، يتضح أن الغرض الأساسي من الزيارة هو كسب الناخب الأميركي والرأي العام في الداخل، وهو ما أشار إليه القيادي في حزب «البعث العربي»، بالقول إن «القضايا التي أثارها وفد الكونغرس تهمّ الدوائر الانتخابية الأميركية، ويدور فيها جدل في الساحة السياسية الأميركية. فقد تحدث بصفة خاصة عن المواطن الأميركي المعتقل، وطالب بالإفراج عنه»، معتبراً أن «الحديث عن باقي المعتقلين جاء في شكل تعميم». أما في شأن الاحتجاجات، فقد جدد الوفد الأميركي موقف واشنطن الذي أعلنه المُساعد الخاص للرئيس الأميركي، وكبير مستشاريه لأفريقيا في مجلس الأمن القومي، سيريل سارتر، الذي حطّ في العاصمة السودانية الشهر الماضي، للسبب نفسه، وهو مناقشة سير الحوار الثنائي. وكما دعا سارتر البشير إلى حل داخلي رافضاً «أي حلول من الخارج»، اعتبر وفد الكونغرس أن «أفضل طريقة للمضي قدماً بالنسبة إلى السودان، هي عملية انتقال يجري التفاوض عليها بين الشعب السوداني وأحزاب المعارضة والحكومة»، علماً بأن الدعوة إلى حل داخلي تلتها إجراءات اتخذها البشير بعد يومين، من شأنها «عسكرة السلطة»، وهو ما لم تقف عنده الحكومة الأميركية.