تتواصل الحركة الاحتجاجية ضد حكم الرئيس عمر البشير. وككل جمعة منذ اندلاع التظاهرات قبل شهرين، شهدت شوارع العاصمة الخرطوم، أمس، تظاهرات ركّزت على رفض حال الطوارئ، وجدّدت مطلبها برحيله عن السلطة. وتحدّى المتظاهرون، مرة أخرى، قرار البشير حظر التجمّعات غير المرخّصة، وكذلك حال الطوارئ المفروضة في البلاد، ونزلوا إلى الشوارع، بينهم أعداد غفيرة من النساء تصدّرت المشهد في يوم المرأة العالمي. وفي مدينة أم درمان، خرج مئات المحتجين من مسجد «ود نوباوي»، وكذلك الحال في أحد مساجد حي الهاشماب، إلى جانب تجمعات احتجاجية شهدتها أحياء بري والكلاكلة والصحافة والطائف وجبرة. وتداول ناشطون مقاطع فيديو لاحتجاجات خرجت في حي شمبات بالخرطوم بحري، في حين تحدثت وكالات أنباء عن خروج تظاهرات من مساجد في العاصمة، عقب الانتهاء من صلاة الجمعة، وذلك تلبية لدعوة «تجمّع المهنيين» وباقي التحالفات المعارضة. ونقلت «رويترز» عن شهود قيام الشرطة بالتصدي لمئات المتظاهرين في مسجد كبير بالقرب من العاصمة، مستخدمة الغاز المسيل للدموع، بعد تردادهم شعارات مناهضة لحكم البشير.
قرّر الرئيس إطلاق سراح النساء المعتقلات على خلفية الاحتجاجات

ولا يزال الرئيس السوداني يواجه الاحتجاجات الأعنف ضد سلطته الممتدة على 3 عقود، عبر قرارات إدارية تطال بالخصوص الجيش هذه الأيام، إلى جانب إجراءات ترغيبية تتوسّل امتصاص غضب الشارع. وأمس، وفي خطوة لا تنفكّ عن مسعى تطهير الجيش من أي مصادر يخشى من قيامها بانقلاب عسكري، وتسهم في تعزيز قبضته على القوات المسلحة وولائها، أقدم البشير على إصدار قرارات جمهورية أحال بموجبها عدداً من ضباط الجيش إلى التقاعد ورقّى آخرين. وأصدر الجيش بياناً بخصوص قرار الرئيس، جاء فيه أن الترقيات «شملت ضباطاً في رتب مختلفة»، من دون إيراد عدد من شملتهم القرارات، سواء بالإحالة إلى التقاعد أو الترقية. وحرص البيان على تأكيد أن القرارات روتينية، «وتأتي وفق قانون القوات المسلحة السودانية، واللوائح المنظمة لخدمة وترقي ضباط الجيش». وتأتي هذه القرارات بعد التغيير الأوسع الذي أقرّه البشير في قيادة الجيش، في موازاة إعلانه حال الطوارئ، في 26 شباط/ فبراير الماضي.
في الوقت نفسه، أصدر البشير أمراً بإطلاق سراح النساء المعتقلات على خلفية الحركة الاحتجاجية، تزامناً مع يوم المرأة العالمي. وكشف الرئيس السوداني، في كلمة ألقاها أمس، أمام قيادات أهلية من شرق البلاد، أنه وجّه مدير جهاز المخابرات صلاح قوش بإطلاق سراح النساء المعتقلات كافّة على خلفية الاحتجاجات الأخيرة. وكانت مبادرة «لا لقهر النساء» أفادت بأن «61 معتقلة دخلن في إضراب عن الطعام نتيجة احتجازهن لأكثر من شهرين، من دون تقديمهن لمحاكمات عادلة».
البشير، وفي كلمته أمس، قال: «نحن ننقل البلاد إلى مرحلة جديدة، وفضّلْت إحياء الأمل في نفوس الشعب السوداني، بتعيين محمد طاهر آيلا رئيساً للوزراء في البلاد». وبشأن تأليف الحكومة الجديدة، أشار إلى أنه سيتم اختيار «الأفضل والأجدر للقيادة، والقوي الأمين لكل منصب»، معتبراً أن «البلاد تشهد مرحلة جديدة لا محاباة فيها، وتعيين حكام عسكريين لولايات البلاد الـ18 جاء لأنهم مصدر ثقة عند السودانيين».