أفرجت الرياض، اليوم، عن روايتها الثالثة في جريمة قتل جمال خاشقجي. وبعدما أعلنت أن الصحافي السعودي «مات» نتيجة «شجار» وقع في القنصلية السعودية في إسطنبول مع عناصر أتوا للتفاوض معه حول عودته إلى المملكة، قالت في روايتها الثانية إنّ خاشقجي «تُوفي بسبب كتم النفس خلال محاولة (فريق التفاوض) منعه من رفع صوته»، لكنّها توصّلت أخيراً إلى «الحقيقة» التي أطلعها عليها الجانب التركي، وتفيد بأنّ المشتبه فيهم «أقدموا على فعلتهم بنيّة مسبقة».وأعلنت النيابة العامة السعودية، في بيان، أنّها تلقّت «معلومات من الجانب التركي الشقيق من خلال فريق العمل المشترك»، تشير إلى أنّ «المشتبه فيهم في تلك الحادثة، أقدموا على فعلتهم بنية مسبقة»، وأنّها «تواصل تحقيقاتها مع المتّهمين في ضوء ما وردها وما أسفرت عنه تحقيقاتها من وصول إلى الحقائق إن شاء الله واستكمال مجريات العدالة». يأتي ذلك بعدما تعهّدت الحكومة السعودية، يوم أمس، بمحاسبة «المقصّر (في قتل خاشقجي) كائناً من كان».
وتنسجم الرواية السعودية الأخيرة مع ما كان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد أعلنه أول من أمس، حين قال إن الجريمة «تم التخطيط لها مسبقاً»، نافياً بذلك الروايتين اللتين قدّمتهما الرياض.
وقفة احتجاجية تنديداً بسياسات الرياض أمام السفارة السعودية في واشنطن (أ ف ب )

لكن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قال اليوم إنه «لا تزال هناك أسئلة بحاجة إلى أجوبة» بشأن قتل خاشقجي، مثل: «من الذي أعطى الأوامر؟» لقتل الصحافي، و«أين الجثة؟ لقد أكّدتم أنّكم فعلتموها، لكن لماذا لا تقولون (أين هي)؟». وكرّر مطالب إردوغان بمحاكمة المتورّطين في الجريمة أمام القضاء التركي، مشيراً إلى أنّ أنقرة ترغب في التعاون مع الجميع، لكن ليس لديها «أي رغبة» في رفع القضية أمام محكمة دولية.
في هذه الأثناء، ترأّس ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، اليوم، أوّل اجتماع للجنة إعادة هيكلة الاستخبارات العامة السعودية، الذي جاء بأمرٍ ملكي عقب إقرار الرياض بمقتل خاشقجي داخل قنصليتها في إسطنبول نتيجة «شجار»، وتوقيف 18 سعودياً على ذمة القضية، وإقالة نائب رئيس الاستخبارات العامة، أحمد عسيري، والمستشار في الديوان الملكي، سعود القحطاني.
وعرضت اللجنة، وفق وكالة الأنباء السعودية «واس»، «خطة الإصلاح بما في ذلك تقييم الوضع الراهن في ضوء أفضل الممارسات وتحديد الفجوات خاصةً». كما ناقشت «الهيكل التنظيمي لرئاسة الاستخبارات العامة، والأطر القانونية والأنظمة المعمول بها، والسياسات والإجراءات والحوكمة، وآليات الاستقطاب والتأهيل».
في إطار القضية ذاتها، من المقرّر أن تلتقي مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه»، جينا هاسبل، ترامب، اليوم، لتطلعه على نتائج زيارتها لتركيا حيث أُطلعت، بحسب «صباح» التركيّة، على «مشاهد فيديو وتسجيلات صوتية، والعناصر التي تم الحصول عليها خلال تفتيش القنصلية العامة ومنزل القنصل السعودي». وهي المعلومات ذاتها التي أوردتها صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، ومصدران مطّلعان تحدّثت إليهما «رويترز» وأفادا بأن مديرة «سي آي إيه» استمعت خلال الزيارة إلى تسجيل صوتي لقتل خاشقجي.