القاهرة | كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن التعديلات الدستورية المرتبطة بتمديد الولاية الرئاسية، في وقتٍ لا تزال فيه الرئاسة تتحفظ عن ذكر الموضوع، إذ لم يعلّق الرئيس عبد الفتاح السيسي عليه بعد برغم إتاحة الفرصة له أكثر من مرة. وبرغم الصمت الرئاسي، تزداد كل يوم المطالبة بتعديل الدستور، وخصوصاً من قبل الجهات المستفيدة من ذلك.
وفي حال حصول هذا التعديل، فإنه سينزع عن الدستور المصري مميزات عدة جعلته أفضل دستور محلي كتب منذ مئة عام، وذلك وسط اعتراضات واسعة من سياسيين وخبراء وحتى مؤيدين للسيسي من داخل المؤسسة العسكرية وخارجها، ممن يرفضون الاعتداء على إيجابيات الدستور.
وبموجب الدستور الحالي، من المفترض أن تبدأ الاستعدادات للانتخابات الرئاسية بإعلان الإجراءات والمواعيد التنظيمية (التي لم يُقر قانون لتنظيمها حتى الآن) في آذار/ مارس المقبل، على أن تعلن نتيجتها قبل نهاية أيار/ مايو.

بدأ العمل على إعداد تصور
كامل لما تريده الحكومة من تعديلات دستورية
وتنتهي ولاية السيسي الثانية في أيار/ مايو 2022، إذ حدد الدستور الحالي مدة الرئيس بأربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط.
ويأتي مقترح إطالة مدة الرئاسة ضمن تعديلات دستورية واسعة من الممكن أن تتم في بداية العام المقبل، وتتضمن مقترحات من بينها تمديد الولاية الأولى للرئيس، وذلك بوضع مادة انتقالية لتجنب إجراء انتخابات الرئاسة بعد شهرين من الاستفتاء المرتقب «ترشيداً للنفقات المالية». وهناك مقترح آخر يلقى قبولاً واسعاً، يدعو إلى إجراء التعديلات والانتخابات لعدم مواجهة ضغوط دولية على مصر في هذا الملف، علماً بأن السيسي طلب إعطاء فرصة لاتخاذ قرار نهائي في هذا الشأن بعد عودته من نيوريوك الشهر المقبل، حيث سيجري سلسلة لقاءات مع عدد من قادة الدول على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
المؤكد أن كل فئة في المجتمع تسعى إلى استغلال التعديلات التي باتت «شبه مؤكدة»، فيما يظهر بشكل واضح «انبطاح» البرلمان للرئيس بهذا الشأن. فالنواب الذين وصلوا إلى مقاعدهم في مجلس النواب عبر الجهات الأمنية، سيقومون بتوسيع صلاحيات الرئيس وإعادة حق اختيار رئيس الحكومة والوزراء وإقالتهم للرئيس، وهو الحق الذي نقل إلى البرلمان في الدستور الحالي وبدأ العمل به في نيسان من عام 2016 بعد حصول الحكومة الحالية على ثقة البرلمان. ولم يستغل مجلس النواب هذه الصلاحية حتى الآن، بالرغم من الانتقادات التي تظهر في بعض الجلسات تجاه الوزراء واتخاذ الحكومة قرارات عدة برفع الأسعار من دون الحصول على موافقة النواب.
ويبدو نواب البرلمان الذين سيمررون التعديلات الدستورية الحلقة الأضعف، فرئيس البرلمان علي عبد العال المقرب من الرئاسة يسعى حثيثاً إلى تخفيف القيود على الحكومة وإعادة سلطات الرئيس إلى ما كانت عليه في دستور 1971 الذي استغله الرئيسان الأسبقان أنور السادات وحسني مبارك في القمع والاستبداد ومكّنهما من البقاء برغم الغضب الشعبي تجاههم.
وزير الشؤون القانونية بدأ العمل على إعداد تصور كامل لما تريده الحكومة من تعديلات دستورية، بالإضافة إلى إعادة مناقشة عودة الغرفة الثانية للبرلمان (مجلس الشورى) بعدما ألغيت بشكل كامل في الدستور الحالي مع توسيع صلاحياته في خطوة تستهدف إطالة أمد إصدار التشريعات القانونية ومراجعتها بشكل جيد مع تقليص صلاحيات المحكمة الدستورية ومجلس الدولة، ووضع بنود دستورية ترسخ أحقية الرئيس في اختيار رؤساء الهيئات القضائية.
سيحصل السيسي على امتيازات في الدستور الجديد لم ينلها السادات ومبارك ومرسي، صلاحيات ستجعل الإسناد بالأمر المباشر للمشاريع ليس مخالفة قانونية وستعفيه من شبهة عدم دستورية قوانين عدة أقرها خلال الفترة الماضية، وتنتهي بموجبه قضايا عدة أمام المحكمة الدستورية طال أمد مناقشتها.
الفائدة الأبرز للنظام في تعديل مدة الرئاسة وعدم تحديدها بمدتين فقط للرئيس، هي إجراء انتخابات كانون الثاني/ يناير 2024 من دون الإشراف القضائي الذي تنتهي مهلته، ما يعيد شبهة التزوير ويفتح باباً للتلاعب.