في اليوم الثالث من الزيارة إلى ماليزيا، شهد الملك سلمان على توقيع «أرامكو» اتفاقية مع شركة النفط والغاز الوطنية الماليزية «بتروناس»، تملك بموجبها الشركة السعودية 50 في المئة من مشروع «رابيد» النفطي، وهو جزء من مجمع «بينغيرانغ» المتكامل للبتروكيمائيات والتكرير في ولاية جوهور جنوبي ماليزيا.
وبموجب الاتفاقية مع «بتروناس»، فإنه في مقابل استثمار «أرامكو» 7 مليارات دولار في المشروع، الذي يشمل مصفاة ووحدة التكسير ومرافق للبتروكيميائيات والتكرير والمعالجة، ستورّد المملكة ما يصل إلى 70 في المئة من النفط الخام الذي يحتاج إليه المشروع.
وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إن الاتفاقية تشكّل «خطوة ضمن سلسلة من الخطوات التي ستتخذها أرامكو تماشياً مع رؤية 2030 التي طرحتها المملكة، وبرنامج التحوّل الوطني 2020»، معرباً عن أمله في أن يكون هذا المشروع «صلة الوصل بين المملكة وأسواق جديدة ذات قيمة عالية».
وهذا ما أكّدته «أرامكو» التي أعلنت أن «المشروع، إضافة إلى مشاريع أخرى مشابهة، سيساهم في زيادة طاقتها التكريرية من 5 ملايين برميل يومياً في الوقت الحالي، إلى ما بين 8 و10 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2030». وقالت الشركة إن «موقع المجمع الاستراتيجي (400 كلم جنوب العاصمة كوالالمبور) سيعزز موقع السعودية كمورد رئيسي للنفط إلى ماليزيا ومنطقة جنوب شرق آسيا، وسيساعد في تأمين الطاقة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ».
ووفق رئيس أبحاث النفط والغاز في آسيا لدى «نومورا»، جوردون كوان، فإن «الاستثمار حكيمٌ، إذ إنه يسمح للسعودية بزيادة حصتها في السوق الآسيوية»، وبالتالي يضعها «في مقدمة السباق الذي تخوضه الدول الكبرى داخل أوبك، مثل إيران والعراق وروسيا والكويت، على تأمين حصة كبيرة في الأسواق الآسيوية وتعزيز الشراكة الاقتصادية مع دول آسيوية مؤثرة في الأسواق العالمية».
وتشير التقارير إلى أن «السعودية صدّرت 6.96 ملايين برميل يومياً في 2016 لأكبر ستة مشترين للنفط في آسيا (الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة) من واردات إجمالية بلغت 31 مليون برميل يومياً».
ويقول الخبير في قطاع النفط ومدير شركة «جيه.تي.دي. إنرجي» للاستشارات في سنغافورة، جون دريسكول، إن الاتفاقية تأتي في الواقع ضمن استراتيجية جديدة تتبعها «أرامكو»، بحيث تقوم باتخاذ خطوات توسعية بهدف «تعزيز قدراتها الفنية وزيادة إنتاجيتها في أسواق الطاقة العالمية قبل موعد الطرح الأوّلي»، الذي توقّع مسؤولون سعوديون أن يقدّر بقيمة 5 في المئة من حصة الشركة.
من جهته، رحّب رئيس الوزراء الماليزي محمد نجيب عبد الرزاق بالاتفاقية التي «ستمتد لستين عاماً مقبلة»، وهو كان قد نشر على حسابه الرسمي على «تويتر»، أول من أمس، صورة «سيلفي» تجمعه مع الملك السعودي، قال إنها تعبّر عن «صداقة قوية».
من جهة أخرى، بعدما منح ملك ماليزيا السلطان محمد الخامس أعلى الأوسمة الماليزية، «وسام التاج»، إلى الملك السعودي، منحت جامعة مالايا الماليزية، أمس، سلمان درجة الدكتوراه الفخرية في الآداب «تقديراً لجهوده ومساهماته في خدمة العلم للأمة الإنسانية». ووفق وكالة الأنباء السعودية الرسمية «واس»، قال الملك في كلمة ألقاها لهذه المناسبة، إن «العلم من نعم الله العديدة على أمة الإسلام»، مشيراً إلى أن «العالم الإسلامي يواجه اليوم تحديات في مجال المعرفة العلمية والتقنية لا تقل عن التحديات التي يواجهها في المجال السياسي والاقتصادي».
وفي هذا السياق، استقبل الملك السعودي نخبة من الطلبة السعوديين في ماليزيا، والطلبة الماليزيين خريجي الجامعات السعودية. ووفق «واس»، وجّه سلمان كلمة إلى الطلبة، قال فيها: «أوصيكم بأن تدرسوا دراسة كاملة، وبنفس الوقت يجب أن تعرفوا أنكم من بلاد قبلة المسلمين وتكونوا قدوة جيدة لمن يراكم في هذه البلاد».
كذلك استقبل سلمان رجال إفتاء الولايات الماليزية وعدداً من كبار الشخصيات الإسلامية الماليزية، وحذّرهم من «الحملات التي تحاول النيل من وسطية الإسلام»، وأكّد «أهمية التعريف بنهج الإسلام الداعي إلى التسامح والاعتدال ومحاربة التطرف والإرهاب بكل أشكاله»، لافتاً إلى «حرص بلاده على تقديم كل ما في وسعها لخدمة الإسلام والتواصل مع المسلمين في كافة أنحاء العالم».
من جهته، ألقى مفتي عام ماليزيا ذو الكفل بن محمد البكري كلمة شكر فيها سلمان «على جهوده في خدمة الإسلام والمسلمين والدفاع عن الأمة وخدمة الحرمين الشريفين». كذلك نشرت الصحف والمواقع السعودية صورة لشيخ يقبّل جبين الملك وسألت: «من هو صاحب القبلة؟»، ليتبيّن أنه رئيس جمعية الخادم الماليزية حسين يي عبدالله، الذي قالت في سياق وصفها له إنه «شيخ صيني الجنسية كان معتنقاً للبوذية ثم اعتنق النصرانية، وصار مبشّراً لها، حتى اعتنق الإسلام عام 1968م».
والتقى سلمان، أمس، وزير الدفاع الماليزي هشام الدين حسين، و«استعرض الطرفان العلاقات وآفاق التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين.. وبحثا مستجدات الأوضاع في المنطقة».
بدوره، التقى وزير الثقافة والإعلام السعودي عادل الطريفي أمس، في العاصمة كوالالمبور، رؤساء الصحف وممثلي وسائل الإعلام الماليزية، وفق ما أعلنته «واس»، وذلك لـ«بحث أوجه التعاون بين الصحافة السعودية والماليزية».
(الأخبار)