محمد مبارك، شاب سيناوي يقيم في مدينة الشيخ زويد الحدودية شمال شرق سيناء. أنهى مبارك دراسته الجامعية، وانخرط والده في تجهيز بيت جديد له لإتمام زواجه بابنة عمه. لكن، في مساء يوم صيفي من آب 2014، أوقفت قوة من الجيش ذلك الشاب قرب منزله في قرية المهدية، ونقلته في مدرعة أمنية، إلى جهة غير معلومة.باءت كل محاولات والد مبارك وأقربائه للتعرف على مكان احتجازه بالإخفاق، إلى أن عثروا على جثمانه وعليه آثار تعذيب واضحة بالقرب من الكتيبة «101» العسكرية في العريش.
وتتنامى ظاهرة الاختفاء القسري في سيناء، وخاصة في الشمال، بعدما وثقّ فريق «المرصد السيناوي لحقوق الإنسان»، اختفاء عدد من أبناء سيناء على يد قوات الأمن، فيما لم يتمكن الفريق من رصد مئات الحالات الأخرى، لكن أقل رقم وثق لديهم هو 78 شخصا بينهم سيدتان.
أيضا، مصطفى مصلح القرم (20 عامًا)، كان طالبا في «المعهد العالي للهندسة والتكنولوجيا»، وعنوانه في شارع حلوان في العريش. اختفى هو الآخر في أيلول 2014، وإلى الآن لم يظهر أي أثر له. وصحيح أن ذويه علموا بعد مدة أنّه كان محتجزًا في سجن «العازولي» العسكري في معسكر الجلاء (محافظة الإسماعيلية) حتى كانون الثاني 2015، لكن الشاب نقل ومجموعة أخرى من المعتقلين، معظمهم من أبناء الشيخ زويد، إلى مكان آخر لم يستدل عليه حتى اليوم.
وعقب توقيف القرم بيومين، عثروا على والده، مصلح نصير القرم (63 عامًا)، مقتولا.
أما أحمد سلمان الصياح (39 عامًا)، وكان يعمل مدرسا، فاعتقل من منزله في منطقة «بلعا» جنوب غرب مدينة رفح منذ عام ونصف عام (منتصف 2014)، وحتى الآن هو قيد الاختفاء القسري.
يقول المحامي فرج محمود إن «كل عمل من أعمال الإخفاء القسري جريمة ضد الكرامة الإنسانية، وانتهاك خطير وصارخ للحريات الأساسية». ويضيف: «لا يجوز، وفق القانون الدولي، التذرع بأي أمر أو بتعليمات صادرة عن أي سلطة عامة، مدنية كانت أو عسكرية أو غيرها، لتبرير عمل من أعمال الاختفاء القسري».
في السياق، يؤكد الناشط السياسي مصطفى سواركة أن عمليات الاختطاف في سيناء تجري بمعزل عن القانون، ومن دون إجراء تحقيقات أمنية أو قضائية، لافتا إلى أن شمال سيناء تخلو منذ حادث مقتل ثلاثة قضاة في العريش، قبل عامين، من أي وجود قضائي، إثر نقل محكمة شمال سيناء إلى الإسماعيلية، غربي قناة السويس.
وفي سابقة هي الأولى من نوعها، وفق الناشط في مجال حقوق الإنسان عبد الغفار سويلم، اختطفت قوة من الجيش المواطنة سماهر حسين أبو رياش (37 عامًا)، في الثاني والعشرين من آب 2015، بسبب رفضها التخابر للجيش وفق مقربين.
وطالب «المرصد السيناوي لحقوق الإنسان»، السُلطات المصرية، أكثر من مرة، بالإفراج عن جميع المختفين قسريًا، لكن مصدرا أمنيا أكد، في حديث إلى «الأخبار»، أن قوات الأمن تخفي بسرعة من يعتقلون بقناع أسود حتى لا يتمكنوا من معرفة من يعتقلهم أو الأماكن التي ينقلون إليها. وأفاد بأن الجهات التي تحتجز المختفين من أبناء سيناء تتجنب تصويرهم، مع حرصها على نقلهم من موقع إلى آخر ليلا، فضلا عن أن عددا منهم يتعرضون للموت نتيجة التعذيب أو بعد إصابتهم بهبوط في الدورة الدموية نتيجة الخوف والهلع والأصوات التي يسمعونها ممن يتعرضون لعمليات التعذيب.