يظهر من المستجدات التي تشهدها شمال سيناء أن عملية تدمير البيوت الخاصة بالمواطنين القاطنين في منطقة الشريط الحدودي مع غزة ثم إقامة منطقة عازلة تحت ادعاء ضرورات الأمن القومي، كانت مجرد البداية لعملية إخلاء واسعة تشمل مناطق كبيرة في جنوب مدينتي رفح والشيخ زويد، ضمن تخطيط مسبق.وشهدت مناطق الشريط الحدودي مع غزة بطول 13 كلم عملية إزالة للبيوت الحدودية وتهجير أهاليها، وذلك على مرحلتين بلغت كل واحدة منها نحو 500 في عمق المدينة. مقابل ذلك، لا يزال يذوق الأهالي الأمرّين في ظل خدمات مقطوعة وحظر تجوال وطلقات وقذائف طائشة تسقط على بيوتٍ في الشيخ زويد ورفح.
يقضي المخطط بنقل مهجّري الحدود إلى 4 قرى جديدة غرب العريش

بداية الشهر الجاري، أعلن محافظ شمال سيناء، عبد الفتاح حرحور، تدشين أربع قرى سكنية بدعم من وزارة التعاون الدولي و«الصندوق الخليجي» (يضم السعودية والإمارات والكويت والبحرين)، على أن تخصص كسكن للنازحين من الشيخ زويد ورفح، بهدف توطينهم في مناطق غرب العريش وبئر العبد، أي باتجاه غرب شمال سيناء. لكن المشكلة أن البدء في تنفيذ الاعتمادات المالية اللازمة لتطوير المرحلة الأولى من هذا المشروع سيحتاج إلى عامين.
يعلق على ذلك ناشطون سياسيون في سيناء، بالقول إن ما تطرحه الدولة عن مشروع القرى الأربع للنازحين هو استكمال لتنفيذ المخطط الذي بدأ بإخلاء منطقة الشريط الحدودي تحت مسمى ضرورات الأمن القومي، كما يرون أن هذا «إجراء تعسفي يصب في مصلحة إسرائيل بعيداً عن مقتضيات الأمن القومي». ويشير أحدهم، ويدعى مصطفى سنجر، إلى أن عملية «الترانسفير» بدأت أولى إشاراتها بإسقاط قذائف ليلاً على بيوت المواطنين لإجبارهم على النزوح، ثم أتت العمليات الكبيرة التي استدعت تدمير الأنفاق، ومنع العائدين إلى البناء في المناطق المهدمة.
وفيما وعد المحافظ حرحور بتلبية احتياجات أبناء سيناء وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لتحقيقها ولمد الخدمات اللازمة من مياه وكهرباء ومدارس ووحدات صحية، يرى أهالي سيناء أن المشكلة تكمن في مكان آخر. يقول أحد وجهاء ومشايخ قبيلة «ارميلات» في رفح، الشيخ عواد أبو شيخة، إن قرار السلطات إنشاء منطقة عازلة على طول الشريط الحدودي أنهى أصلاً مكونات الحياة لآلاف الأسر. وأضاف: «رغم تشريد الأهالي وهدم المنازل، عادت العمليات الإرهابية بقوة... لا نعلم فائدة المنطقة العازلة التي بدأت بـ500 متر ثم ألف متر، وتوجد توقعات بزيادة مساحتها لأكثر من ذلك».
ووفق إحصاءات المحافظة، فإن أهالي الشيخ زويد ورفح يقيمون في 22 منطقة عشوائية على مستوى المحافظة تكلف عملية تطويرها 173 مليون جنيه، لذلك تقرر «توجيه هذه المبالغ لإقامة أربع قرى غرب العريش وبئر العبد لتوطين أهالي الشيخ زويد ورفح».
وبينما تظهر هذه الإحصاءات كمبرر لعملية الترحيل، يرى الخبير العسكري محيي الدين غانم أن «الدولة بصدد اتخاذ عدة قرارات من شأنها تحجيم العناصر الإرهابية، مثل إخلاء منطقة الشيخ زويد من السكان نهائياً وتهجير الأهالي كما حدث في بورسعيد والسويس عام 1967»، مضيفاً: «يتولى الجيش تطهير المنطقة دون الالتفات إلى حقوق الإنسان».
إلى ذلك، قال مساعد وزير الداخلية لأمن شمال سيناء، سيد الحبال، إن «القيادة السياسية تتعاون مع جهاز تعمير سيناء لتنفيذ مشروع لتوطين أهالي الشيخ زويد ورفح، مع توفير أنشطة خدمية لتطوير هذه التجمعات وجعلها تجمعات منتجة، من أجل رفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي لديهم وزيادة الشعور لديهم بالانتماء إلى المكان والولاء للوطن».