يفنّد الكاتب في «يديعوت أحرونوت» سيبر بلوتسكر أسباب التوزيع الحالي لعدد المقاعد على الأحزاب الإسرائيلية، ومدى ارتباطها بالقيادة والتعبير الجماهيري الحقيقييديعوت أحرونوت ــ سيبر بلوتسكر
ليست القصة الحقيقية الأولى في انتخابات 2009، في نهاية الأمر، أفيغدور ليبرمان، بل هي حزب «العمل». فالانتخابات التي دفع إليها، وفرضها بقدر كبير، جلبت عليه كارثة انتخابية. والسبب لهبوطه إلى موقع هامشي هو القيادة المختلّة لوزير الدفاع إيهود باراك والجماعة المحيطة به. فقد كاد باراك ورفاق دربه ينجحون في إخفاء الرسائل الاقتصادية والاجتماعية لحزبهم إخفاءً تاماً، ونجحوا في التهرّب من عرض خطّة شاملة لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تهدد إسرائيل، وكانوا بذلك مخطئين بالنسبة إلى أهدافهم.
وبدل أن يقولوا لعشرات آلاف الإسرائيليين الذين يخافون من أن يفقدوا في القريب أماكن عملهم: «لن ننضم إلى أي حكومة لا تجعل المحاربة العملية للبطالة في رأس جدول أعمالها»، أدار حزب «العمل» حملة انتخابات، مشدداً على الموضوع الأمني فقط. وبالنسبة إلى الناخبين المحتملين لحزب «العمل»، كانت «لحظة الحقيقة» هي لحظة الإقالات والتقليصات. يستطيع الحزب أن يعزّي نفسه بشيء واحد، وهو أنه في قمّة الحضيض.
القصة الحقيقية الثانية في انتخابات 2009 هي «كديما» وزعامة تسيبي ليفني. اعتقد كثيرون أنه لا مكان في إسرائيل لحزب وسط متزّن يعرض مصالح الطبقة الوسطى التي تشمئز من التطرّف والغلو والثورات، وتبحث عن الاستقرار وعن الصراط المستقيم. وبرئاسة امرأة أيضاً؟ الأحزاب الجديدة غير المركزة سياسياً، من نوع «كديما»، تعلو في معركة انتخابات وتتحطم في التي تليها. ويبدو إنجاز «كديما» مهماً، وخصوصاً مع الأخذ بالاعتبار ظروف حياته القصيرة والعاصفة، وبعدما تلقّى في أعقاب إنشائه من قبل زعيم قوي الحضور هو أرييل شارون، الضربة تلو الضربة. ضربات بدأت بمرض شارون، فالنتائج البائسة لحرب لبنان الثانية، مروراً بالتحقيق مع رئيس الحكومة إيهود أولمرت والتوصية بتقديم لائحة اتهام ضده، إلى الانتخابات التمهيدية التي حسمت بفارق أصوات ضئيلة، واللحظة التي يئست فيها ليفني من تأليف حكومة جديدة. كانت هذه الأحداث قادرة على هدم حزب قديم له تراث. إنّ حقيقة أن «كديما» اجتاز ذلك، بل خرج من معركة الانتخابات ويده هي العليا، تدلّ على أنه عامل حاسم يتّسم بالبقاء في السياسة الإسرائيلية.
القصة الحقيقية الثالثة في انتخابات 2009 هي أفيغدور ليبرمان. إنّ حزب ليبرمان هو بقدر كبير جداً نتاج استطلاعات الرأي. ففي المحصّلة العامة، جمع «إسرائيل بيتنا» أصوات المهاجرين من الاتحاد السوفياتي السابق والقليل من الهوامش. ليس لديه قاعدة قوة حقيقية، ولا برنامج اقتصادي واجتماعي خاص، وبرنامجه السياسي ـــــ الأمني حالم لا يمكن تحقيقه. لولا الإعلام الذي سكب محيطاً من الكلمات على ظاهرة ليبرمان، لأنهى الحزب معركة الانتخابات الحالية باثني عشر نائباً. الزيادة فوق هذا العدد هي نتيجة تصويت جماعات احتجاج مختلفة تبحث لنفسها من آن لآخر عن حزب أكبر للتمسّك به، وقد صوّت غير قليل من ناخبي ليبرمان له كي لا يصوّتوا لـ«الليكود».
القصة الحقيقية الرابعة في انتخابات 2009 هي «الليكود». إذ لا يمكن أن نتجاهل إنجاز هذا الحزب الذي هُزم هزيمة ساحقة في انتخابات 2006، ولم يفعل شيئاً منذ ذلك الحين سوى الجلوس في المعارضة بلا عمل. وبرغم ذلك، نجح في تهديد أكثرية «كديما»، وهو قريب من رئاسة الحكومة. صحيح أن بيبي نتنياهو أدار حملة انتخابات مختلّة جداً، وصحيح أنه سيصعب عليه كثيراً أن ينشئ الحكومة المقبلة، فلا يستطيع أن يسمح لنفسه بأن يكون رئيس حكومة أسيراً لأحزاب اليمين المتطرف ولن تمضي هذه الأحزاب معه، مع ذلك، يستطيع بيبي أن يسجّل لنفسه عودة سياسية مدهشة، يحدث قليل مثلها في السياسة.
القصة الحقيقية الخامسة في انتخابات 2009 هي حاجة الحكومة المقبلة إلى مواجهة إحدى أشد الأزمات الاقتصادية التي تمر بالعالم.