غزة | مع أن مبعوث «اللجنة الرباعية» السابق، طوني بلير، عمل على أكثر من محور بين حركة «حماس» وإسرائيل، رغم غضب السلطة الفلسطينية الظاهري على ذلك، فإن جهوده لم تفلح، برغم أنه حرص على ألا يستثني مصر، بصفتها نقطة التقاء بين الأطراف المختلفة، وعاملاً أساسياً في إنجاح ما يمكن التوصل إليه أصلاً.
ففي الأيام الماضية، بدأت مصادر فلسطينية وأخرى إسرائيلية تكشف عن إخفاق الاتفاق الذي أعلنت «حماس» بصورة شبه رسمية رفضها إياه، في ظل شروطه غير المقنعة لها، وأيضاً خشيتها من تكرار سيناريو أوسلو، فيما ترى إسرائيل بحذر ضرورة الحصول على هدوء، لكن من دون اعتراف أوروبي بالحركة.
وجاء في الصحافة الإسرائيلية أن رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، تراجع لعدة أسباب أهمها «الاعتراف الدولي بحركة إرهابية كحماس»، إضافة إلى التخوف من إقدام رئيس السلطة، محمود عباس، على خطوات غاضبة من شأنها التأثير في الالتزامات الأمنية للسلطة في مناطق الضفة المحتلة. وورد أيضاً أن ثمة تخوفاً على مستقبل السلطة، في حال قرر عباس الرحيل.
ولكن «حماس» لا تريد، في المقابل، أن توقّع على اتفاق يؤدي بطريقة ما إلى إجراءات تفصل الضفة عن غزة، مقابل بعض التسهيلات، وهو أصلاً ما عبّر عنه نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، موسى أبو مرزوق.
وكان محلل الشؤون العسكرية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، قد قال في مقالة له قبل أيام، إنه «أثناء انعقاد نقاش أمني موسع بقيادة نتنياهو، قال الأخير إن التعاطي مع المقترحات المقدمة (طوني بلير) ستكون لها آثار سلبية قد تدفع الرئيس محمود عباس إلى الاستقالة». وأضاف فيشمان: «مصر مارست ضغوطاً على مفاوضينا بسبب أنهم لم يتعاطوا مع مقترحات بلير المقدمة لتثبيت التهدئة في غزة، ولكن نتنياهو استجاب لتلك الضغوط، في حين أدركت السلطة الفلسطينية أنها مجرد خدعة... إسرائيل لم تعتبر بلير وسيطاً، واللقاءات التي أجراها مع (خالد) مشعل كانت على سبيل العلاقات العامة».

رغم ذلك تدرس إسرائيل
عدة مقترحات منها مدّ
قناة غاز إلى غزة

في المقابل، قال موسى أبو مرزوق إن حركته لا تجري أي مباحثات مع الجانب الإسرائيلي، مضيفاً: «أبلغنا موقفنا لطوني بلير وكل من يطرق بابنا أننا لن نكون استمراراً لأوسلو، وما رفضناه لغيرنا لا يمكن أن نقبله لأنفسنا». وتابع: «قلنا وكررنا أكثر من مرة إن أي تثبيت لوقف إطلاق النار الذي وقّعناه مع جميع الفصائل في القاهرة إبّان الحرب على غزة 2014، يجب أن يكون مقابل فتح المعابر وإيصال كل مستلزمات إعادة الإعمار، وكسر الحصار وتشغيل المطار وبناء الميناء البحري، وأن يكون هذا الأمر في سياق وطني وليس منفرداً».
ولكن أبو مرزوق رفض الإفصاح عن مبادرة بلير المنتهية بالتفصيل، مع أنه أوضح أن «الإسرائيليين أعدّوا خطة لمواجهة الأزمة في غزة ووضع آليات جديدة في التعامل مع المواطن الغزي، ولكن يصعب تنفيذ تلك الخطة إلا بمساعدة السلطة ومصر». وشرح أن الخطة تهدف إلى تحسين البنية التحتية وإنشاء محطات لتحلية المياه، وزيادة كمية الكهرباء والغاز، وفتح التصدير من القطاع وإليه عبر دول العالم، وكذلك إقامة مناطق صناعية قرب الجدار الفاصل وإعادة فتح معبر «المنطار ــ كارني»، وإعادة الوصل بين القطاع والأراضي المحتلة عام 1948م.
في هذا السياق (علي حيدر)، كشف مصدر إسرائيلي رفيع عن أنهم في تل أبيب «يدرسون بعمق» إمكانية مدّ قناة غاز طبيعي بين إسرائيل والقطاع، من أجل حل أزمة الطاقة التي يعاني منها الأخير. وأوضح موقع «واللا»، الذي وصف المصدر بالمطلع على التفاصيل، أن الذي يقف وراء هذه المبادرة طوني بلير ومعه الاتحاد الأوروبي ومنسّق شؤون المناطق اللواء يوآف مردخاي، والطرف الأهم هو «قطر التي من المتوقع أن تدفع الكلفة التي تقدر بمليارات الدولارات».
ولفت «واللا» إلى أنه في الأسبوع الماضي تم نشر خبر عن تمويل قطري لاقتراح إقامة قناة تؤمن الغاز الطبيعي لغزة، ووفق المصدر نفسه، فإن «نقل هذا الاقتراح حصل على دعم جهات أخرى في المجتمع الدولي، ولكن إسرائيل لم تتخذ حتى الآن قراراً بتبنيه». وأضاف المصدر: «إسرائيل تنقل حالياً إلى القطاع السولار، من أجل تشغيل محطة الطاقة فيه، لكنّ إحدى مساوئ ذلك في نظر الأجهزة الأمنية أنه يمكن لفصائل المقاومة أن تستخدمه في صناعة الصواريخ، وهو ما لا يمكن فعله مع الغاز الطبيعي».
على هذه الخلفية، عبّرت إسرائيل عن استعدادها كي تفحص بعمق اقتراح نقل الغاز الطبيعي من الحقول البحرية التابعة لها إلى غزة، بحجم مليار متر مكعب في السنة. وتابع المسؤول أن جهات أمنية إسرائيلية طرحت الفكرة على شركات الغاز كي تدرسها، مع تقدير مفاده أن من الممكن أن تتضاعف كميات الغاز في المستقبل. لذلك، من المتوقع أن يلتقي مردخاي مع المبعوث القطري إلى غزة محمد العمادي، مرة أخرى، في الأيام المقبلة.
ويدور الحديث في إسرائيل عن خيارين: الأول إقامة قناة لغزة تنطلق من حقل لفيتان وتصل إليها عن طريق البحر. والثانية إقامة قناة غاز من عسقلان إلى القطاع، وتتصل بمحطات الطاقة في شمال القطاع. وإذا ما تقرر في الواقع دفع هذه الخيارات، فإن جهات دولية مثل قطر والاتحاد الأوروبي سيقدمان تكاليف التمويل المالي. كذلك يتوقع أن تظهر الولايات المتحدة اهتماماً بهذا المشروع، مع أن الممثلين الأميركيين لم يشاركوا في هذه الاقتراحات والطلبات التي وصلت تل أبيب.
تعقيباً على هذه المعلومات، أوضح مكتب منسق شؤون المناطق، الذي يترأسه مردخاي، أن «المكتب يقود عملاً أركانياً مع وزارات الحكومة الاسرائيلية لدراسة حلول محتملة لأزمات الطاقة في غزة، بما فيها مدّ قناة غاز طبيعي... في النهاية يعود القرار إلى المستوى السياسي».