غزة | ضمن موجات الشائعات التي تضرب غزة بين حين وآخر، ورد إلى مسامع موظفي حكومة «حماس» السابقة، أن حلاً «خلاقاً» لمشكلة رواتبهم المتوقفة ومستحقاتهم العالقة، يلوح في الأفق. الشائعة التي سُربت من لجان ونقابات مهنية تقول إن «حماس» ستعوض موظفيها بتوزيع قطع من الأراضي الحكومية، وكذلك السيارات، لتسد بها مستحقات نحو 45 ألف موظف يعانون في رواتبهم منذ عام 2007، واشتدت عليهم الأزمة طوال العام الماضي.
لعل هذه الشائعات تكون، كالعادة، محاولة لـ«جس النبض»، قبل اتخاذ أي قرار رسمي، وسرعان ما يكون النفي سيد الموقف، إذا ثارت ثائرة القانونيين والحقوقيين.
هو حل صعب، لكن أزمة الموظفين أصعب، مع دخول العام التاسع للحصار المستمر، كما يرى مسؤولون. وزير المالية السابق في حكومة «حماس»، زياد الظاظا، واجه كل ما قيل بالنفي القاطع، قائلاً إن «قضية توزيع الأراضي غير مطروحة، وإن كان تداول القضية بين الموظفين أمراً طبيعياً، لكن الأمر ليس صحيحاً». برغم ذلك، يشير الظاظا إلى أنه «إذا بقي الحصار ولم تحل حكومة الوفاق (رام الله) قضية الموظفين، فإن الأمر سيكون محل دراسة أعمق، للوقوف بجانب الشعب الفلسطيني في غزة، لكن من السابق لأوانه الحديث في الأمر الآن». مصادر في «حماس»، قالت، في المقابل، إن فكرة توزيع الأراضي على الموظفين الذين يطالبون برواتبهم ومستحقاتهم المتراكمة صارت بين يدي «صناع القرار»، بفعل «تجافي حكومة الوفاق بشأن غزة، إضافة إلى أن ضجر الموظفين قد يؤثر في السلم الداخلي بعد توتر العلاقات الإقليمية للحركة». وأوضح ضابط في الشرطة أن توزيع الأراضي «يجري منذ ثلاث سنوات على ضباط كبار مقابل تقسيط الدفعات عليهم»، مضيفاً: «الفكرة تجددت مع أزمة المستحقات، وثمة تسجيل كشوف للموظفين الذين يريدون قطعة أرض مقابل مستحقاتهم، ولكن الأمر ليس متاحاً للجميع حالياً، ولا يعلم به جميع الموظفين حتى يتقبل الناس الأمر».

هذه الشائعات تكون
محاولة لـ«جس النبض»
قبل أي قرار

من الناحية القانونية، قالت النائبة في المجلس التشريعي هدى نعيم، إن الموضوع لم «يتطرق إليه أحد في المجلس، لذلك أرى أن الضجيج مبالغ فيه»، وهو ما ذهبت إليه المتحدثة باسم سلطة الأراضي في غزة، أمل شمالي، بتأكيد أنه «لم يصدر أي قرار بصورة رسمية... سلطة الأراضي لم تصدر أي قرار بهذا الشأن». شمالي، التي لم ينتظم راتبها منذ عامين، تقول إن «الأرض للدولة وإن الموظفين يعملون لدى الدولة أيضاً، لذلك هناك أطروحات سابقة لسد عجز المستحقات المالية من طريق تمليك أراضي الدولة للموظفين، ولكننا لم نلجأ إلى هذه الخطوة التي يتكرر الحديث فيها بين فينة وأخرى». وأضافت: «نحن (سلطة الأراضي) جهة تنفيذية نتبع التعليمات فقط».
وقد يبدو أن الحديث عن توزيع للأراضي، أو السيارات، قد يأتي من باب الضغط على السلطة في رام الله، غير المكترثة بغزة، التي تراكم على وزاراتها وموظفيها مستحقات مالية متأخرة منذ 40 شهراً، فضلاً عن أن هذه المستحقات ستكون عبئاً ثقيلاً على أي حكومة يمكن أن يتفق على تشكيلها في إطار المصالحة الوطنية لاحقاً.
من الرافضين لهذه الفكرة، الكاتب أكرم عطا الله، الذي رأى أن ما يجري «خطأ كبير، لأن الأرض ملك الأجيال وليست ملك حكومة فشلت في سياستها... يجب عدم تطبيق الفكرة لأنها ستجلب الكثير من المعاناة للأجيال المقبلة في بناء المرافق الحيوية».
في سياق آخر (الأخبار)، وبعد تصنيف وزارة الخارجية الأميركية ثلاثة قياديين في «حماس» ضمن اللائحة الخاصة للإرهاب الدولي، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، فرضها عقوبات على أربعة من قادة الحركة، مرجعة سبب ذلك إلى «تقديمهم دعماً مالياً للمنظمة الفلسطينية التي تسيطر على غزة». وشملت العقوبات الجديدة كلاً من عضو المكتب السياسي صالح العاروري، والمسؤول الأقدم لمالية «حماس» ماهر صلاح (بريطاني أردني)، إضافة إلى أبو عبيدة، خيري حافظ الآغا (سعودي)، ومحمد رضا عواد (مصري).
على الصعيد السياسي، أعلن نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، موسى أبو مرزوق، أن الحركة ترتب لزيارة العاصمة الروسية موسكو، وترغب في زيارة طهران «لما فيه مصلحة للقضية الفلسطينية»، مؤكداً في الوقت نفسه أنه لا وجود لأي اتفاق على تثبيت وقف إطلاق النار مع إسرائيل في غزة.
إلى ذلك، وصل أمس، رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل، إلى تركيا لحضور مؤتمر حزب «العدالة والتنمية» الحاكم.