تفوّق على بوش بعدد القتلى الأطلسيين والضحايا المدنيينشهيرة سلوم
20 كانون الأول 2009، تاريخ دخول باراك أوباما إلى البيت الأبيض. منذ ذلك الحين حتى اللحظة، ماذا كلفت الحرب في الأموال والأرواح؟ جردة حسابية للأرقام الميدانية، عدد القتلى في صفوف قوات الأطلسي وكلفة الحرب وأرقام الضحايا الأفغان، تُظهر مأزق أوباما العميق في أفغانستان على أبواب انتخابات تشريعية، وقُبيل أشهر من تقويم استراتيجة الحرب. يبدو واضحاً أنه استطاع خلال زمن قياسي أن يتجاوز سلفه جورج بوش بثلاثة إلى أربعة أضعاف... لكن لجهة الخسائر.
حتى الآن تجاوز عدد القتلى في صفوف قوات التحالف منذ بدء الغزو 2100 قتيل، بفضل الأشهر الدموية الأخيرة التي عانتها القوات الغازية، والتي بدأت في كانون الثاني 2009.
في مقارنة أرقام القتلى، بحسب موقع ICASUALITIES ، فإن عدد قتلى التحالف في كانون الأول، أي عشية دخول أوباما إلى البيت الأبيض، كان 3. ومع بدء تنفيذ الاستراتيجية الجديدة للحرب في منتصف العام الماضي، تسارع عدد القتلى، وأصبح الموت مواجهة يومية، ولم يكن يُتلى بيان نعي للأطلسي حتى يصدر بيان آخر. وخلال 21 شهراً، تفوّق أوباما على ما حصده سلفه جورج بوش في 7 أعوام سابقة. منذ بداية الغزو، أي في أواخر 2002، حتى أواخر 2008، سقط 1047 جندياً لقوات الأطلسي، بينهم 630 جندياً أميركياً. لكن منذ مجيء أوباما، كانون الثاني 2009، قُتل ما يقارب 1052 أطلسياً، بينهم 670 جندياً أميركياً. وبين بوش وأوباما، يمكن ملاحظة أن الأول سجل 12.5 قتيلاً أطلسياً و7.5 قتلى أميركيين في الشهر الواحد، أما الثاني فسجل نحو 50 قتيلاً أطلسياً و32 أميركياً في الشهر الواحد، أي إن عهد أوباما سجل تزايداً في أرقام القتلى بأربعة أضعاف. ولوحظ خلال الأشهر الماضية أن أرقام أوباما في ارتفاع مطّرد.
في كلفة الحرب، كانت أرقام أوباما قياسية أيضاً. حربا العراق وأفغانستان كلفتا الخزينة الأميركية، التي ترزح تحت دين يتجاوز 12.9 تريليون دولار، حتى الآن أكثر من تريليون دولار أميركي، بحسب دراسة للكونغرس. موقع «ناشونال بريوريتيز»، الذي يراقب كلفة الحرب، سجل حتى اللحظة كلفة تجاوزت 1.09 تريليون دولار للحربين، وهو رقم لا تجاريه سوى الحرب العالمية الثانية.
ويضع موقع «costofwar» التابع لـ«ناشونال بريوريتيز» ساعة متحركة لكلفة الحربين تتحرك بسرعة على مدار الثواني. وتوزع هذه الكلفة على كل مواطن أميركي، وعلى كل ولاية. وتقارن بتكاليف أولويات المواطن والولايات.
خلال أعوام بوش، كان التركيز على الحرب في بلاد الرافدين، وتوزعت الأرقام على النحو الآتي: 207.2 مليارات دولار لأفغانستان (معدل 29.6 مليار دولار للعام الواحد) في مقابل 589.3 ملياراً لحرب العراق، وبلغت في الإجمال 796.5 مليار دولار.
لكن في ولاية أوباما، انصبت الجهود والموارد على حرب أفغانستان، فتوزعت الأرقام بين الحربين: 166.1 ملياراً لأفغانستان (معدل 83.05 مليار دولار للعام الواحد) مقابل 160.6 مليار دولار للعراق. لتبلغ في الإجمال 326.7 مليار دولار. وتجاوزت أفغانستان للمرة الأولى العراق من حيث الإنفاق، إذ بلغت نسبة الإنفاق في العام الأخير (2010) 106.6 مقابل 65.1 مليار دولار للعراق. وفي مقارنة الإنفاق للعام الواحد، يظهر أن أوباما قد أنفق على حرب أفغانستان أكثر من بوش بثلاث مرات.
المدنيون الأفغان كانوا أكبر ضحايا الحرب، لكن الغزاة لا يحسبونهم في خسائرهم، لأنهم «ضريبة الديموقراطية والتحرير». الأرقام بحسب موقع «unknown»، تشير إلى أن الخسائر الأفغانية خلال سنوات الحرب التسع توزّعت على النحو الآتي: مقتل أكثر من 8.587 جندياً أفغانياً إضافة إلى 8.813 مدنياً أفغانياً، فيما جُرح نحو 41.624 ألف شخص آخرين من الجنود والمدنيين. وبحسب وكالة الأمم المتحدة العاملة في أفغانستان «أوناماد»، ومنظمات حقوق الإنسان الأفغانية والدولية، فإن الأرقام التقريبية للضحايا الأفغان، بينهم المدنيون والجنود والمتمردون، تشير إلى سقوط نحو 3500 قتيل ما بين عامي 2001 و 2003، ونحو 1700 قتيل في 2005، ونحو 4400 قتيل في 2006، بينهم أكثر من ألف مدني. وفي 2007 تجاوز عدد القتلى الأفغان 7700 ضحية، بينهم أكثر من 1500 مدني بحسب «أوناماد». وفي 2008 قُتل نحو 2118 مدنياً أفغانياً، أي بزيادة قدرها 40 في المئة عن العام السابق، لترتفع في العام الذي يليه نسبة القتلى المدنيين 14 في المئة (تجاوزت 2400 قتيل)، ويسجل أيلول أكثر الشهور دموية بالنسبة إلى المدنيين الأفغان منذ بدء الغزو.
وذكر التقرير الأخير للأمم المتحدة أن نسبة الضحايا المدنيين ارتفعت 31 في المئة خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، مقارنة بالعام الماضي، بحيث تجاوز عدد المدنيين القتلى 1271 مقابل 1997 جريحاً.
وهذه الأرقام تشمل فقط القتلى المباشرين، أي من دون تعداد الضحايا الذين تسببهم الحرب بطريقة غير مباشرة، كالفقر والجوع والمرض والحرمان والانفجارات، ويقدّرون بعشرات الآلاف. وفي الحصيلة، استطاع الرئيس الحالي أن يتفوق على سلفه، وأن يثبت جدارته قائداً للحرب، لكن بالقتل والخسائر، ومن دون تحقيق إنجازات، بل إن فريقه ينازع على مشارف انتهاء العام الحالي لوضع استراتيجية «هرب»، ولم يعد أمامه خيار سوى التمسك بخشبة قائد القوات دايفيد بترايوس.
وفي معرض انتقاده لحرب العراق وكلفتها، التي خاض باسمها معركة وصوله إلى البيت الأبيض، كان أوباما يخاطب المواطن الأميركي قائلاً: «يُرسلون أبناءنا ليموتوا. وينفقون عليها من جيبك، ومن نفقات العائلة، وحين تملأ خزان سيارتك بالوقود، وتدفع ديونك، وأقساط الجامعة لأولادك». ماذا عسى أوباما أن يقول اليوم للناخب الأميركي خلال أول استحاق انتخابي لحزبه مع التجديد النصفي للكونغرس في 2 تشرين الثاني؟


صراعات الهرب

يسرد الصحافي الأميركي الشهير، بوب وودورد، في كتاب بعنوان «حروب أوباما»، يصدر يوم الاثنين المقبل، أحداثاً مُثيرة تتعلق بالحرب في أفغانستان، تسلط الضوء على حقيقة المأزق التي تعيشه إدارة باراك أوباما.
ويروي الكاتب، الذي اشتهر بكشفه فضيحة «ووتر غيت» التي دفعت باستقالة الرئيس ريتشارد نيكسون في 1972، صراعات داخل فريق أوباما خلال الإعداد للاستراتيجية الجديدة للحرب العام الماضي، ويؤكد أن هذه الصراعات مستمرة ولم تنته ووصلت إلى حدّ الشجارات والشتائم. ويقول إن أوباما يبحث عن استراتيجية خروج من الحرب، وينقل عنه قوله: «كل ما نفعله يجب أن يركز على قضية معرفة كيف سنتوصل إلى تقليص انتشارنا، لا بد من خطة تحدد كيف سننسحب من أفغانستان. لا أريد التزاماً طويل الأمد في بناء بلد. ولا أريد إنفاق ألف مليار دولار».