تشهد دمشق، اليوم، حدثاً مركزياً على صعيدين: قرب تأليف الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي، ومصالحة عربية ــ عربية هامة، تتجسد بلقاء المالكي مع الرئيس السورييتوجّه رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، نوري المالكي، إلى دمشق، اليوم، للمرة الأولى منذ الأزمة الدبلوماسية الحادة بين البلدين والتي دامت أكثر من عام. صحيح أن المصالحة بين المالكي والنظام السوري حصلت عندما استقبل الرئيس بشار الأسد وفداً من قائمة رئيس الحكومة، قبل نحو شهر، إلا أن زيارة المالكي شخصياً لعاصمة الأمويين تكتسب قيمة مركزية على صعيد احتمال تسريع وتيرة تأليف حكومة جديدة، برئاسة المالكي نفسه، رغم المؤشرات التي تفيد بأن خصوم المالكي من العراقيين، حلفاء دمشق، لم يستسلموا بعد.
وقال مكتب المالكي إن «رئيس الوزراء يبدأ غداً (اليوم) الأربعاء زيارة إلى الجمهورية العربية السورية الشقيقة يلتقي خلالها الرئيس بشار الأسد ورئيس الوزراء محمد ناجي عطري». وأضاف إن «الزيارة تهدف إلى تطوير العلاقات الثنائية في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين». كما أوضح البيان أن المالكي يعتزم أيضاً «القيام بزيارة عدد من الدول الشقيقة والصديقة تلبية لدعوات تلقاها». وكشف المستشار الإعلامي للمالكي علي الموسوي أن الدول «الشقيقة» المذكورة هي مصر وقطر وربما الأردن، وغيرها كذلك. وأضاف الموسوي إن المالكي سيلبي هذه الدعوات، «لكن ليس جميعها في هذه الزيارة».
ولا يزال معارضو المالكي يتّهمونه بأنه يقدّم تنازلات ومغريات لدول الجوار، تحتاج إلى تصديق البرلمان، رغم أنه يرأس حكومة تصريف أعمال فقط حالياً. ومن هذه الخطوات، الموافقة على ترسيم الحدود مع الكويت بعد اعتراضه الشديد على فعل ذلك قبل أشهر، ومدّ خط جديد لأنابيب النفط مع سوريا للتصدير عبر البحر المتوسط، وتجديد اتفاق نقل النفط عبر تركيا والسماح لإيران بمدّ خط لنقل الغاز إلى سوريا.
ووضع محلّلون عراقيون الزيارة في خانة مساعي المالكي لدى السوريين لإقناع حلفائهم بمساعدته في حل الإشكالات القائمة، وتذليل العقبات أمام تأليف الحكومة في مقابل عرض مناصب عليهم، وهو ما اعترف به المالكي عندما قال، أول من أمس، إنه عرض على خصمه إياد علاوي تولي منصب رئاسة البرلمان ومناصب أخرى إضافية. وتأتي هذه الزيارة بعد يومين فقط من عودة السفير العراقي لدى سوريا علاء حسين الجوادي إلى دمشق لاستئناف عمله الدبلوماسي.
في هذا الوقت، كرر رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في العراق، عمار الحكيم، دعوته إلى تأليف حكومة تضم القوائم الكبيرة الفائزة في الانتخابات، وذلك عقب لقائه الرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة. وأشار إلى أن «المدخل المهم الذي يمكن أن يضمن استقرار العراق في هذه المرحلة الحساسة والحرجة، يكون من خلال اتفاقات وتفاهمات بين الأطراف العراقية على برنامج محدد وتوزيع الأدوار بشكل يضمن المشاركة الحقيقية في الإدارة والقرار السياسي لكل الأطراف السياسية والقوائم الفائزة الكبيرة».
بدوره، أكّد علاوي أن قائمته «العراقية» لن تتنازل عن الشعارات التي تبنّتها، وهي «مستقبل عراقي موحَّد، وعراق خالٍ من الطائفية السياسية والمصالحة الوطنية»، متمسّكاً بأن «العراقية» هي «صاحبة الحظ الأوفر في تأليف الحكومة مع ائتلافها»، وذلك في حديث نشرته صحيفة «عكاظ» السعودية على هامش زيارته إلى الرياض.
(أ ف ب، يو بي آي)