لم يكن ينقص عائلة مولر الألمانية بروز نبأ استقالة طبيب بايرن ميونيخ التاريخي هانز - فيلهلم مولر - فولفارت من منصبه، الذي انتشر كـ «النار في الهشيم» على امتداد العالم قبل أيام، ليعود التداول بشهرة هذه العائلة، إذ إن حضورها في الساحة الكروية تحديداً، والرياضية على وجه العموم في ألمانيا، لا ينتهي، حيث إن لكل حقبة «مولرها»، إذا صح التعبير، والجديد منذ عام 2010 هو توماس مولر، نجم المنتخب الوطني والنادي البافاري.
في حقيقة الأمر، باتت عائلة مولر أشهر من أن تعرّف في الكرة الألمانية. صحيح أن الكثير من العائلات تكثر في عالم اللعبة الشعبية الأولى في العالم، الا أن اللافت في هذه العائلة على وجه الخصوص أنها خرّجت، ولا تزال، أسماء فذة على مدار التاريخ.
هذا الأمر لا يعد غريباً إذا ما علمنا أن عائلة مولر التي تُكتب بالألمانية (Muller, Moller, Mueller) هي الأكبر في البلاد، إذ بحسب إحدى الدراسات فإن كلمة مولر، مفردة ومركبة مثل الطبيب مولر - فولفارت، هي الأكثر ترداداً في ألمانيا، بحيث أن نحو 700 ألف ألماني يحملون هذه الشهرة في أوراقهم الثبوتية، وهي تتخطى الحدود الألمانية إلى العديد من دول العالم، لكن أكثرها في سويسرا حيث تأتي في الصدارة مثل ألمانيا، لكن بنسبة أقل، وفي النمسا، حيث تحلّ في المركز الخامس.
وبطبيعة الحال، فإن الانتشار الكبير لعائلة مولر في ألمانيا أسهم في بروز العديد من الشخصيات منها في المجتمع، بحيث لا يتوقف الأمر على الكرة، بل يتعداها إلى السياسة والشعر والأدب والطب وألعاب رياضية غير الكرة، ومجالات أخرى، كما أن فندقاً شهيراً في البلاد يحمل اسم مولر نسبة لمؤسسه عام 1910 جوزف مولر، فضلاً عن أن شركة ألبان معروفة في البلاد تحمل اسم هذه العائلة.
بالعودة إلى النجاح المنقطع النظير لعائلة مولر في الكرة الألمانية، فإن الباحث يقع على العديد من الأسماء التي تركت أثراً بالغاً في تاريخ ألمانيا، والحديث يبدأ، طبعاً، من غيرد مولر او «البومبر» (المدفعجي)، كما يلقب، الذي أحرز لقب بطل العالم مع «المانشافت» عام 1974 وأوروبا عام 1972 وبطل أوروبا مع بايرن ميونيخ 3 مرات، فضلاً عن أنه حمل لقب الهداف التاريخي للمنتخب الوطني ردحاً من الزمن، قبل أن يكسره العام الماضي النجم المعتزل ميروسلاف كلوزه.
ومن جيل غيرد، برز أيضاً المهاجم الآخر ديتر مولر، الذي ارتدى قمصان فرق كولن وشتوتغارت وبوردو الفرنسي في السبعينيات، والمنتخب الألماني في 12 مباراة سجل خلالها 9 أهداف، وكذلك لاعب الوسط هانزي مولر الذي لعب لشتوتغارت وانتر ميلانو الإيطالي ومثّل ألمانيا في 42 مباراة.

نحو 700 ألف ألماني
يحملون اسم الشهرة «مولر» في أوراقهم الثبوتية

وقبل غيرد وديتر وهانزي، عرفت الكرة الألمانية «مولراً» آخر وهو لودوفيك الذي لعب لفرق نورنبرغ وبوروسيا مونشنغلادباخ وهيرتا برلين، وارتدى قميص «المانشافت» في 6 مناسبات، وإن كان لم يعرف شهرة الأسماء السالفة، لكنه يبقى من الأجيال الأولى في الكرة الألمانية، وتحديداً في فترة الستينيات.
تخريج عائلة مولر للمواهب تواصل في أواخر الثمانينيات مع نجم الوسط أندرياس مولر بطل العالم مع «المانشافت» في 1990 وأوروبا في 1996 الذي سجل نجاحاً لافتاً مع بوروسيا دورتموند وأحرز معه لقب دوري أبطال أوروبا عام 1996 ضد يوفنتوس الإيطالي الذي كان قد ارتدى قميصه.
لكن المفارقة «المولرية» في تلك الفترة كانت غريبة، إذ خلال تألق أندرياس كان لاعب آخر من عائلة مولر يحمل اسم أندرياس أيضاً ويلعب في «البوندسليغا» مع فريق شالكه، والمفارقة الأكثر غرابة هي أنه بعد اعتزال هذا الأخير انضم الأول إلى شالكه!
وبعدما كان الاعتقاد في ألمانيا بأن البلاد لن تعرف نجماً بحجم غيرد الأشهر في عائلة مولر، خرج عليها في 2010 الشاب توماس مع بايرن ميونيخ ليصل بسرعة البرق إلى مرتبة النجومية ويتوَّج هدافاً لكأس العالم في ذلك العام، ويساهم بقوة في إحراز البلاد لقب مونديال البرازيل الصيف الماضي، ويتوَّج مع بايرن ميونيخ بلقب دوري أبطال أوروبا عام 2013، وقد أصبح الأسبوع الماضي أفضل هداف في تاريخ ألمانيا في هذه المسابقة.
الا أنه يجدر الإشارة هنا، إلى أن ثمة مولر آخر في الكرة الألمانية حالياً، وهو فلوريان مولر، الذي يلعب لفريق ألغمانيا آخن في الدرجة الثانية وقد كان زميلاً لتوماس في الفريق الثاني للبافاري.
لحظة، من قال إن شباب عائلة مولر نجوم كرة فقط؟ إذ إن شاباتها لا يقللن نجومية، وهذا ما تؤكده مارتينا مولر بطلة العالم مع منتخب سيدات ألمانيا في 2003 و2007 وأوروبا في 2001 و2009 ومسجلة هدف الفوز أمام ليون الفرنسي الذي منح فولسبورغ لقب بطل أوروبا للأندية عام 2013.
هكذا، قدّمت عائلة مولر، ولا تزال، نجوماً أفذاذاً للكرة الألمانية، ولا غرابة في أن يخرج مستقبلاً «مولر» جديد، إذ على ما يبدو أن حب الكرة في جينات هذه العائلة، ويتوارثها أفرادها جيلاً بعد جيل.