صدق زياد الحمصي، المحكوم بجرم العمالة للعدو الإسرائيلي، بتهديده مندوب «الأخبار» في البقاع الزميل عفيف دياب، عبر الرسالة التي بعث بها إليه من داخل سجنه، قبل أيام من إطلاقه. اقتصّ الحمصي من الزميل دياب عبر مجموعة من «الزعران»، لكنه لم يدرك أن شرعة غابته تضيف إليه تهمة ولا تمحو عار ما فعله.
فلا «استقباله كالفاتحين» من جانب مجموعات استقدمت من خارج بلدته سعدنايل وغياب معظم عائلاتها، يزيل عنه تهمة «الخيانة العظمى»، ولا خطابه بالمستقبلين له برفقة محاميه الوزير نقولا فتوش، وحديثه عن نضالاته وتصديه للعدو الإسرائيلي في بيادر العدس، في منطقة راشيا الوادي، يشطبان من سجله العدلي حكم التعامل مع العدو، وإن روّج من الزاوية المذهبية أن اعتقاله ليس سوى مؤامرة عليه وعلى تاريخه، ليصل إلى حدّ تحميل الإعلام المسؤولية الكبرى، داعياً الإعلاميين إلى الاعتذار العلني منه. لكنّ الحمصي تناسى أنه خرّ معترفاً بعمالته في أقلّ من ثلاث دقائق من التحقيق معه. لم يستطع مواجهة أدلة المحققين ومعطياتهم عن عدد لقاءاته بمشغليه، في بانكوك وعواصم أخرى، والمبالغ التي تقاضاها مقابل المعلومات التي زوّد بها الموساد الإسرائيلي. أولى ضربات قرار محكمة التمييز التي اكتفت بمدة توقيفه، جاءت باعتداء الحمصي على الجسم الإعلامي من خلال توجيهه «شبيحته» لضرب الزميل دياب في مكان عام، ومن دون أن يقبل مخفر الدرك في شتوره فتح محضر بالحادثة. ربما جاء الاعتداء بعدما لمس الحمصي أن خروجه من السجن باكتفاء مدة التوقيف لن يكون ذريعة للاعتذار العلني منه، فكان الهجوم الذي نفذه أربعة شبان ظهر أول من أمس على الزميل دياب، في مقهى «غرينز» في شتوره. المعتديان المباشران هما شقيق زوجة الحمصي، المدعو فؤاد الشحيمي، وقريبه إبراهيم الشحيمي. الأول دخل المقهى، ثم انهال بالضرب فوراً على دياب الذي وقف بنية المصافحة، ففاجأه شحيمي بلكمات متتالية على وجهه وظهره وكتفه، فيما كان الثاني عند الباب، واثنان ينتظران خارجاً لم تعرف كامل هوية كل منهما.
هذه الحادثة استنكرتها كافة القوى السياسية والاجتماعية، والجسم الإعلامي الذي احتشد في مخفر شتوره لمؤازرة الزميل دياب، مستغربين عدم اكتراث المخفر بالحادثة، إذ أحال القضية على النائب العام رافعاً مسؤوليته عنها، أثناء عطلة النيابة العامة بعد ظهر السبت ويوم الأحد. الأغرب أن قائد الفصيلة، المقدم محمد الدسوقي، حاول إنهاء المسألة في المخفر، من دون تسجيل محضر، باتصاله بالمحامي خالد الشحيمي شقيق المعتدي، للوقوف عند خاطر الزميل دياب «ببوسة ذقن». حاول المحامي الشحيمي تبرير فعلة أخيه بأنها «جاءت نتيجة ذكر زوجة الحمصي (أخته) في مقالة الأخبار». ولمّا فشل قائد الفصيلة، أحال الموضوع على النيابة العامة. هذه الإحالة أثارت بلبلة عند مندوبي الوسائل الإعلامية المرئية والمكتوبة، داخل المخفر، لرفضه فتح محضر في الحادثة، علماً بأن القانون يوجب ذلك ما لم يمض على الحادثة 24 ساعة. المفاجأة الثانية كانت عندما أبلغ رئيس المخفر دياب أن النيابة العامة تنتظره لأخذ إفادته، فتوجه الأخير وباقي الزملاء إلى قصر العدل في زحلة، ليتبيّن أنه مقفل، ما استدعى العودة إلى المخفر الذي كرر رفضه فتح محضر ما لم يكن هناك تقرير طبيب شرعي، فاتصل أحد الزملاء بالنائب العام فريد كلاس لمعرفة الأسباب التي تمنع المخفر من فتح محضر، فعلّل السبب بأن القضية تحتمل إلى يوم الاثنين. على أثرها جرى الاتصال بالطبيب الشرعي علي سلمان الذي عاين الزميل دياب وقدّم تقريراً يؤكد تعرضه لكدمات وغشاوة في العين اليمنى، إضافة إلى كدمات ورضوض في الكتف اليمنى وأسفل الظهر، وأنه بحاجة إلى طبيب اختصاصي عيون خلال 24 ساعة. ورغم هذا التقرير رفض مخفر شتوره أيضاً فتح محضر ادّعاء.
إلى ذلك، تلقّى دياب إثر الحادثة العشرات من الاتصالات التضامنية، من مواطنين وسياسيين وزملاء.
ودعت أسرتا إذاعة «صوت الشعب» ومجلة «النداء»، في بيان، إلى لقاء تضامني مع الزميل دياب، الساعة الثانية عشرة ظهر اليوم أمام مبنى وزارة الإعلام، «استنكاراً للاعتداء الذي تعرض له الزميل دياب، والتهديدات التي وجهت إليه من قبل «عصابة» و«شبيحة» العميل زياد الحمصي. كي لا تتحول العمالة وجهة نظر، أو تصبح مهنة حرة... من أجل وقف مسلسل الإهانة والمس بكرامة المقاومين والوطنيين الشرفاء».
وأجرى نقيب المحررين الياس عون اتصالاً بالزميل دياب، ونقل إليه استنكار مجلس نقابة المحررين واستنكاره شخصياً للحادث الذي تعرض له على أيدي عدد من مناصري الحمصي. وأعلن عون «أن نقابة المحررين سوف تقاضي المعتدين وتلاحقهم أمام المراجع لينالوا ما يستحقون من عقاب نتيجة فعلتهم المستقبحة».
كذلك استنكرت نقابة المصورين الصحافيين، في بيان، الاعتداء على دياب. ودعت وزير الإعلام وليد الداعوق إلى «اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية المصوّرين الصحافيين والإعلاميين أثناء القيام بواجبهم».
كذلك أدانت هيئة قضاء زحلة في التيار الوطني الحر الاعتداء على الزميل دياب.