يمكن القول إن أي جولة جديدة من الاشتباكات في طرابلس يستحيل أن تنشب، على الأقل حالياً، بعدما «غادر» قادة المحاور في باب التبانة وجبل محسن المنطقتين، إثر صدور مذكرات توقيف قضائية في حقهم، إثر إعلان الحكومة تنفيذ خطة أمنية في المدينة.
والاعلان الذي بدا جدّياً أكثر من اعلانات مماثلة سبقته، ولم تلقَ نجاحاً، لقي تأييداً سياسياً وشعبياً واسعاً في عاصمة الشمال.
وفيما واصل الجيش تعزيز انتشاره على الأرض، واستقدم تعزيزات إضافية وأقام حواجز عدة وسيّر دوريات وصادر درّاجات نارية مخالفة، تضاربت المواعيد حول موعد بدء تطبيق الخطة الأمنية، إذ أكدت مصادر سياسية أن الخطة «ستبدأ اليوم، انطلاقاً من جبل محسن، وأن العمل جار لنزع أي ألغام من طريقها حتى لا تتعرض للانتكاسة»، لافتة إلى «اتصالات وجهود تبذل لاحتواء المعترضين على الخطة، وهم باتوا قلة، حرصاً على عدم إراقة دماء».
وعن مصير من وردت أسماؤهم في الاستنابات القضائية، أكدت المصادر أنهم «تواروا عن الأنظار، باستثناء قلة إما تحاول معرفة مصيرها لتقرر خطوتها التالية، أو أنها لم تجد بعد ملجأ تأوي إليه». وكشفت أن «التمهل في تنفيذ الخطة هو لإعطاء المطلوبين فرصة للتواري أو تسوية أوضاعهم، لأن من يواجه الجيش عند بدء تنفيذ الخطة لن يكون مصيره إلا السجن».
وعن مخازن السلاح في باب التبانة وجبل محسن، وفي غيرهما، أشارت المصادر إلى أن الجيش «سيصادر كل ما سيجده في طريقه. وليس أمام من يمتلكون السلاح إلا تخزينه في أماكن سرية، وهذا أمر صعب عملياً، أو بيعه لتجار سلاح بالطريقة نفسها التي اشتروه بها». وأوضحت أن الجيش والقوى الأمنية «تتعاون مع الجهود المبذولة لتطبيق الخطة توافقياً، وبالحد الأدنى من المشاكل، ومن دون صدام مع أحد إذا أمكن»، لكنها لفتت إلى أنها «لمست لدى بعض قادة المحاور والمسلحين نقمة كبيرة على السياسيين الذين تخلوا عنهم وباعوهم ضمن صفقة وتسوية معينة، مع أن هؤلاء السياسيين هم من يفترض أن يتحمّلوا وزر ما حصل، لأنهم هم من حرّض سياسياً ومذهبياً، وهم من موّل ودعم المجموعات المسلحة».
وبرغم أن المصادر أكّدت أن «مشكلة باب التبانة وجبل محسن انتهت عملياً بعد غياب قادة المحاور والمطلوبين باستنابات قضائية عن الواجهة، ولأنه ما من قرار بإحباط الخطة الأمنية»، إلا أنها أبدت عدم ارتياحها للزيارة التي قام بها مساء أول من أمس الشيخ داعي الاسلام الشهال إلى باب التبانة، وإعلانه منها «مواقف تصعيدية لا تصب في مصلحة تطبيق الخطة». وكشفت المصادر أن اتصالات أجريت مع الشهال، قبل 24 ساعة من زيارته باب التبانة، بهدف حثه على عدم تصعيد الموقف، بعدما تسربت معلومات عن أنه سيقوم بحراك اعتراضي على الخطة، لكنه لم يتجاوب مع مساعي التهدئة، ما دفع إلى التخوف من أن يكون «طرف خارجي هو من دفع الشهال إلى التحرك بهذا الشكل».
من جهتها، رأت أوساط إسلامية متابعة أن «العقبة أمام تطبيق الخطة الأمنية، تتمثّل أساساً في فئات متشددة مقربة فكرياً من تنظيم القاعدة». لكنها أكّدت أن هؤلاء «لن ينجحوا في إحباط تطبيق الخطة التي تحظى بتوافق سياسي واسع، والتي ما كانت لتبصر النور لولا وجود تفاهم سياسي واسع».
وعن مصير حسام الصباغ، أحد أبرز المسؤولين عن مجموعات سلفية مسلحة، بعدما ورد اسمه في الاستنابات القضائية، أشارت الأوساط إلى أن «مذكرة التوقيف في حقه متعلقة بأحداث طرابلس، مع أن الجميع يعرف أنه لم يتورط فيها». وأكدت أنه «سيتعاطى معها كما تعاطى مع مذكرة توقيف سابقة، فهو سيتوارى عن الأنظار مثلما فعل رفعت عيد أخيراً»، لافتة الى أن «رفعت عيد ليس أشطر من غيره».




حصة طرابلس: 90 استنابة قضائية

ذكرت مصادر وزارية في ١٤ آذار ان عدد الاستنابات القضائية في طرابلس بلغت نحو تسعين استنابة مقسّمة بين ٣٠ في جبل محسن و٦٠ في باب التبانة. وأشارت الى ان عدداً من الذين عرفوا انهم مطلوبون بموجب الاستنابات قد تركوا المنطقتين، رغم ان المصادر ميّزت بين مذكرات التوقيف، وبين الاستنابات التي يطلب القضاء بموجبها التحقيق مع شخص ما تمهيداً لاتخاذ القرار «المناسب» في حقه، توقيفاً او إطلاقاً. وأكدت ان ما يميز الخطة حالياً هي المظلة السياسية التي تعطيها كل القوى السياسية المشاركة في الحكومة وخارجها، بمن فيها الرئيس نجيب ميقاتي، اذ رفع الجميع الغطاء السياسي عن المخلّين بالامن. وأشارت الى ان كل المعنيين السياسيين أبلغوا المجموعات على الارض بذلك. وحرصت أوساط تيار المستقبل على إبراز دور وزير الداخلية نهاد المشنوق ودور قوى الأمن الداخلي في تنفيذ عملية الانتشار في طرابلس. وسلّطت الضوء على دور هذه القوى سواء عبر الاتصالات او الانتشار الميداني في ضبط الوضع الامني، اضافة الى دور الاتصالات السياسية الجارية حالياً لمعالجة وضع بلدة عرسال.
(الأخبار)