صنعاء | استدعت السعودية رئيس حكومة عدن، أحمد بن مبارك، ومحافظ المصرف المركزي التابع لها، أحمد المعبقي، لمناقشة تداعيات الانهيار الاقتصادي المتسارع الذي تشهده، هذه الأيام، المحافظات الجنوبية الخارجة عن سيطرة صنعاء. وأكّدت مصادر مصرفية في عدن، لـ«الأخبار»، أن سعر صرف العملة اليمنية المطبوعة من قبل الحكومة الموالية للتحالف السعودي - الإماراتي، سجّل انهياراً قياسياً خلال الأيام الماضية، ليتجاوز سعر صرف الدولار 1735 ريالاً، مقابل 1671 ريالاً الأسبوع الماضي. وجاء هذا الانهيار على رغم حصول «مركزي عدن» على قسط ثالث قدره 350 مليون دولار من المنحة السعودية المقدّرة بنحو 1.2 مليار دولار، والمشروطة بإصلاحات اقتصادية يشرف عليها «برنامج إعادة الإعمار السعودي»، والتي أعلنتها المملكة أواخر 2022. وتتناقض تلك الصورة، مع حالة استقرار سعر الصرف في مناطق سيطرة صنعاء التي تعتمد العملة القديمة التي طُبعت قبل عام 2015، بسعر صرف قدره 530 ريالاً للدولار.وذكرت مصادر مقرّبة من حكومة عدن، لـ«الأخبار»، أن الاستدعاء السعودي جاء على خلفية انهيار منظومة الكهرباء وتدهور سعر صرف العملة، والتصعيد الاقتصادي ضد البنوك التجارية والإسلامية في صنعاء، مشيرة إلى أن السفير السعودي في اليمن، محمد آل جابر، التقى بن مبارك والمعبقي، ودعا إلى وقف هذا التصعيد والعمل على إيجاد معالجات لانهيار العملة، معتبراً أن التدهور الكبير لسعر الصرف يعكس فشل الإصلاحات. ووفق المصادر، طالب آل جابر حكومة عدن بخطة إصلاحات عاجلة لوقف التدهور، من دون تأخير. وتحمّل تلك الحكومة، صنعاء، مسؤولية التدهور، مشيرة إلى أن قرار حظر تصدير النفط الخام من منشآت النفط في مأرب وشبوة وحضرموت بلغت خسائره 3 مليارات دولار، وهو ما نفته حكومة الإنقاذ، مدافعةً بأن إنتاج النفط في صافر الواقعة تحت سيطرة «حزب الإصلاح» لا يزال مستمراً، وكذلك في شبوة وبعض حقول حضرموت، بل توقّفت صادرات النفط إلى الخارج حتى يتم الاتفاق على عائدات مبيعاته، كونها أهم مصادر تغذية الباب الأول من الموازنة العامة للدولة.
أصبح الاقتراض الحكومي من البنك المركزي والسحب على المكشوف، وسيلة لإخفاء الفشل


وأتى انهيار سعر الصرف بعد إعلان «المركزي» ثلاثة مزادات لبيع العملات الأجنبية في محاولة منه لتوفير سيولة لحكومة بن مبارك، إلا أنه فشل في الحد من الانهيار. وأرجع اقتصاديون الفشل إلى أن المزادات لا تتم تغطيتها بالكامل، وذلك نتيجة إجراءات روتينية أعاقت تنفيذ طلبات التجّار والبنوك، وأدت إلى تأخير البتّ في تلك الطلبات لفترة طويلة، ما دفع بالمستوردين إلى العزوف عن التقديم في المزادات، واللجوء إلى السوق السوداء لشراء الدولار، والاعتماد على تحويلات الصرّافين إلى الخارج لتغطية فواتير بضائعهم المستوردة، حتى وإن كانت بأسعار أعلى من أسعار المزادات.
وتفيد تقارير رسمية صادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي، بأنه في ظل فشل حكومة عدن في تحسين الأوعية الإيرادية وإيجاد مصادر تمويل لتغذية الموازنة للحد من تصاعد العجز السنوي، أصبح الاقتراض الحكومي من البنك المركزي والسحب على المكشوف، وسيلة لإخفاء الفشل وتراكم نتائج تنازع وتقاسم الميليشيات المسلّحة الإيرادات العامة للدولة. ولذا، لجأت الحكومة إلى تنفيذ سياسات نقدية تدميرية، منها الاعتماد شبه الكلي على الاقتراض المباشر من «المركزي» كون ذلك خياراً متاحاً أمامها، في ظل عجزها عن تغطية الدين من مصادر آمنة غير تضخمية، ثم بدأت «طباعة العملة من دون غطاء»، بعد ارتفاع الدين المستحق للبنك عليها.