صنعاء | عاد وفد صنعاء العسكري المفاوِض إلى العاصمة الأردنية عَمّان، مساء الخميس الماضي، بعد تلقّيه دعوةً من مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، لاستكمال المشاورات حول المعابر والطرق، وعلى رأسها طرق تعز. إلّا أن الوفد الحكومي لم يحضر، بحجّة عدم وجود تقدُّم حول مقترحات الأمم المتحدة الخاصة بطرق تعز، كما أنه لم يتلقَّ، وفق زعمه، دعوةً من مكتب غروندبرغ في هذا الشأن، وهو ما عدَّته صنعاء تهرُّباً واضحاً يعكس زَيف الادعاءات التي يسوقها الطرف الآخر بالحرص على إنجاح المساعي الأممية، بغية التوصل إلى اتفاق حول هذا الملفّ. وفي هذا الإطار، أفاد مصدر دبلوماسي في الأردن، «الأخبار»، بأنّ «وفد صنعاء التقى يومَي الجمعة والسبت نائب المبعوث الدولي إلى اليمن، معين شريم، وتمّت مناقشة مسار الهدنة الإنسانية والعسكرية. وقدَّم الوفد تقريراً حول خروقات اتفاق وقف إطلاق النار التي ارتُكبت من قِبَل قوات وميليشيات موالية للتحالف في عدد من الجبهات العسكرية، كما ناقش الطرفان مقترح صنعاء القاضي بفتح طريقين بشكل عاجل». ووفق المصدر نفسه، أبدى وفد صنعاء استعداده مجدَّداً لفتح الطرق المقترحة من قِبَله في تعز من طرف واحد، في حال استمرّ الطرف الآخر في وضع العراقيل، وفي إعاقة أيّ تقدُّم في مسار فتح الطرق في محافظة تعز.وفي محاولة مسبقة لإفشال أيّ مساعٍ أحادية من قِبَل صنعاء، كفتح طريقين يربطان جنوب المدينة بأحيائها الشرقية الواقعة تحت سيطرة ميليشيات «حزب الإصلاح»، علمت «الأخبار»، من مصادر محلّية في مدينة تعز، أن هذه الميليشيات التي تلوّح بفتح الطرق بالقوّة، وما تسمّى كتائب «حسم» التي يقودها السلفي المتطرّف عدنان زريق، دفعت، خلال اليومين الماضيين، بتعزيزات عسكرية إلى مناطق التماس الواقعة بين منطقتَي الرمِدة وغُراب الواقعتَين على خط الستّين شمال المدينة، لإفشال خطوة صنعاء. وأشارت المصادر إلى أن تحرّكات عسكرية موازية شهدتها المناطق الواقعة على التماس قبل جولة القصر، شمال المدينة. ويأتي ذلك في ظلّ إصرار الوفد الحكومي على فتح طرق معيّنة، مِن مِثل طريق تعز - الحوبان الذي يشكّل أولوية بالنسبة إليه، فيما تعتبر صنعاء ما تقدَّم قفزاً على الواقع العسكري والأمني في تعز. ورأى رئيس وفدها المفاوض، اللواء يحيى الرزامي، أن «تنفيذ هكذا اشتراطات محلّها الحلّ الشامل، وليس الهدنة المؤقتة»، معتبراً أن «إصرار الطرف الآخر على طريق بعينها، وتجاهله للطرق الأخرى التي تُعتبر حلاً واضحاً ومنطقياً لتسهيل مرور المواطنين والمركبات في تعز كخطوة أولى، يؤكد أن هناك مآرب عدوانية أخرى».
دفعت الميليشيات الموالية لـ«التحالف» بتعزيزات عسكرية إلى مناطق التماس الواقعة بين منطقتَي الرمِدة وغُراب


من جهته، ربط الناشط السياسي، منذر الشرجبي، المقرّب من حركة «أنصار الله»، في حديث إلى «الأخبار»، بين ما تواجهه تعز من مؤامرات، وبين الأطماع الدولية على باب المندب، لافتاً إلى أن الصراع حول هذه المدينة، جغرافي. واعتبر أن تعز تحوّلت إلى «قميص عثمان» بيد تحالف العدوان من جهة، و«حزب الإصلاح» من جهة أخرى، وتمّ استغلالها للمزايدة الإنسانية أمام المجتمع الدولي، واستعطاف الرأي العام المحلّي وتحشيد الشباب والمقاتلين إلى الجبهات بذريعة «فكّ الحصار»، مشيراً إلى أن هناك معاناة مجتمعية ناتجة عن إغلاق عدد من الطرق التي تُعتبر جبهات مشتعلة في مناطق تشهد أشدّ المعارك والمواجهات وأعنفها منذ بدء العدوان. ورأى أن مطالب العدوان وأدواته فشلت في هذه الجبهة التي تُسمّى (جولة القصر)، والتي يطالب الوفد الحكومي بفتح الطريق فيها. وبحسب هذا الناشط، فإن إتاحة المجال للوفد الحكومي بالدخول إلى جولة القصر تُعدّ تسليماً للجبهة بكاملها، وهو ما سيمكّنه من اقتحام منطقة الحوبان الخاضعة لسيطرة الجيش اليمني و«اللجان الشعبية». كذلك، أوضح وجود عوامل تقف خلف رفض الوفد الحكومي أيّ حلول أو مبادرات لفتح طرق بديلة لإنهاء معاناة الناس، أبرزها الإتاوات المالية الكبيرة التي يحصل عليها من جراء إغلاقها. وقال الشرجبي إن فتح طرق تعز ومعابرها، سيُسقط مبرّر الميليشيات التي تُستخدم للتحشيد والتجنيد والقتال في جبهات تعز، متّهماً «التحالف» وميليشياته بإغلاق الطريق الرئيس الرابط بين عدن - لحج - تعز (كرش - الراهدة)، والطريق الرئيس الرابط بين (تعز - الحديدة - المخا) في مفرق الوازعية. وبذلك، يحكم «التحالف» حصاره على تعز ويقطع عنها الطرق الرابطة بثلاثة موانئ، وهي: ميناء عدن، ميناء الحديدة وميناء المخا. كما يغلق طارق صالح على أبناء تعز طريق (البيرين - الكدحة - الوازعية - المخا)، الذي يمكن من خلاله الوصول من مدينة تعز إلى المخا والمديريات الساحلية الأخرى خلال نصف ساعة، بدلاً من السفر عبر طور الباحة إلى عدن ومن ثمّ الخط الساحلي وصولاً إلى المخا.