لا ينقطع الترويج في وسائل الإعلام الموالية لـ«التحالف» عن «انتصارات متلاحقة» على جبهة الساحل الغربي، تجعل القوات التابعة للسعودية والإمارات على «مرمى حجر» من مدينة الحديدة. لكن التدقيق في خارطة التقدم الذي أحرزته تلك القوات خلال الأيام القليلة الماضية، يظهر أن ما حدث ليس إلا توغّلاً مدعوماً بغطاء جوي كثيف في شريط ساحلي مفتوح، من دون التمكن من إسقاط أيّ من المدن التي يُقال إنه تمت السيطرة عليها، ومن دون الاحتكاك بأيّ من خطوط التماس. ومن هنا، يمكن فهم توصيف قائد حركة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، في كلمته أول من أمس، «تكتيك العدو في الساحل» بأنه «تكتيك صبياني»، وتأكيده أن «الاختراقات في الخط الساحلي قابلة للاحتواء والسيطرة وتحويلها إلى تهديد للغزاة».ولم تكد تمرّ ساعات على طمأنة الحوثي إلى أن «الشعب اليمني يخوض اليوم معركته على نحو أفضل من أي وقت مضى»، وتشديده على «التكاتف الشعبي والقبلي»، حتى كانت قوات حكومة الإنقاذ قد دفعت بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى جنوب غرب محافظة الحديدة وغربها، حيث تحاول التشكيلات الموالية للرياض وأبو ظبي تحصين خروقاتها على الشريط الساحلي بتقدم ذي طابع استراتيجي، من دون أن تتمكن من تحقيق مرادها إلى الآن بفعل المقاومة الشرسة التي تواجهها من قبل الجيش واللجان الشعبية. محاولات سُجّل آخرها مساء الأحد وفجر الإثنين، عندما سلكت «ألوية العمالقة» السلفية، إثر سيطرتها على قرية غليفقة في مديرية الدريهمي القريبة من مدينة الحديدة، طرقاً فرعية ورملية واقعة شرق الطريق الساحلي بهدف إحراز تقدم إضافي في المديرية المذكورة، إلا أنها وقعت في كمائن نصبها لها الجيش واللجان ما أدى إلى تراجعها بحسب ما تؤكد مصادر ميدانية. بالتوازي مع ذلك، وعقب سيطرة قوات «العمالقة» مساء أول من أمس على منطقة الجاح التابعة لمديرية بيت الفقيه، كثفت قوات الجيش واللجان عمليات «الاستدراج والمباغتة» ضد المهاجمين، بعدما كانت تمكنت خلال الأيام الثلاثة الماضية من «تدمير أكثر من 12 مدرعة وقتل أكثر من 120» لدى استدراجها القوات المهاجمة إلى خارج منطقة الجاح.
انطلاقاً مما تقدم، يبدو واضحاً مغزى قول الحوثي إن «المناطق التي تمثل العمق الاستراتيجي والتاريخي للبلد لمواجهة الغزاة لا تزال بيد الشعب اليمني». وهو ما تبيّنه مصادر من «أنصار الله» بتوصيفها ما يجري بأنه «محاولات اختراق في أماكن معينة من دون مواجهات في بعض الأحيان». وإذ تؤكد المصادر حدوث اختراق في أطراف مديرية الدريهمي، إلا أنها تشدد على أن القوات المهاجِمة لن تستطيع أن تأمن على عناصرها أو أن تثبت لها موطئ قدم هناك. وتلفت إلى أن مراكز مديريات زبيد والتحيتا وبيت الفقيه والحسينية لا تزال في أيدي الجيش واللجان، مضيفة أن التشكيلات الموالية للسعودية والإمارات تسيطر فقط على مركز مديرية حيس، الذي كانت دخلته مطلع العام الجاري. وفي السياق نفسه، توضح مصادر محلية في محافظة الحديدة أن جميع المناطق التي يقول إعلام «التحالف» إنه تمت السيطرة عليها إنما هي «قرى متقاربة جداً، وتُعدّ محوراً واحداً يقوده اللواء الثالث عمالقة الذي أصيب قائده في المواجهات فيما قتل رئيس عملياته السبت الماضي».
حدودياً، قُتل وجرح، أمس، عدد من المقاتلين الموالين للسعودية في عملية للجيش واللجان استهدفت مواقعهم في جبل حوالي بمنطقة جيزان، بحسب ما أفادت به وكالة «سبأ» الرسمية الموالية لحكومة الإنقاذ. وفي منطقة نجران، أدى هجوم للقوات اليمنية على مواقع مستحدثة شرق جبل وعوع إلى «مصرع وإصابة عدد من مرتزقة الجيش السعودي، وإحراق طقم عسكري، وتدمير آخر غرب موقع السديس»، وفق ما نقلت «سبأ» عن مصدر عسكري. أما في مديرية ميدي شمال غرب محافظة حجة، والتي استهدفتها طائرات «التحالف» أمس بما لا يقلّ عن عشر غارات، فقد أفيد عن مصرع عدد من عناصر القوات الموالية لـ«التحالف» في هجوم لوحدة الهندسة العسكرية في الجيش واللجان استهدف آلية لهم شمال صحراء ميدي.